فذاته المُقدّسة ، منزّهةٌ عن كلِّ عيبٍ ونقصٍ ، وهو الرّؤوف الرّحيم ، الجَواد الكَريم ، وهكذا يتحرّك نحو التّحلي بالفضائل الأخلاقية الاخرى ، لأنّ هدفه هو وِصال الَمحبوب والمَعبود.
والعَكس صحيحٌ ، فإنّ الحركة من الفَضائل إلى الرّذائل هي من شأن عَبدَةِ الطّاغوت والأَوثان ، التي لا تنفع في شيءٍ أبداً.
«الآية الثّامنة» : خاطبت المؤمنين من موقع النّصيحة ، بإلتزام طريق التّقوى وصحبة المؤمنين ، وقالت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).
في الحقيقة أنّ الجملة الثّانية ، في الآية الشّريفة : (كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) ، هي إكمال لِلجملة الاولى : (اتَّقُوا اللهَ ...).
نعم ، فإنّه يتوجب على السّالك لِطريق التّقوى والزّهد والطهّارة ، أن يكون مع الصّادقين وتحت ظلّهم ، وقد وَرد في الرّوايات من الطّرفين : السنّة والشّيعة ، وفي الكُتب المُعتبرة ، أنّ المِصداق الأكمل لهذه الآية ، هو الإمام علي عليهالسلام ، أو أهلَ بيته عليهمالسلام.
وهذه الرّوايات ، موجودةٌ في كتبٍ ، مثل : «الدّر المَنثور لِلسَيوطي» و «المَناقب لِلخَوارِزمي» و «دُرَر السّمطين لِلزرندي» و «شَواهد التّنزيل للحَسَكاني» ، وغيرها من الكُتب الاخرى (١).
وكِذلك أوردها : «الحافظ سُليمان القُندوزي» في «يَنابيع المَودّة» ، و «العلّامة الحمويني» في «فَرائد السّمطين» ، و «الشّيخ ابو الحَسن الكازروني» في «شَرف النّبي» (٢).
وقد وَرد في بعض الأحاديث ، وبعد نزول الآية الآنفة الذّكر ، أنّ سلمان الفارسي رحمهالله ، سأل الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وقال له : هل أنّ هذه الآية عامّةٌ أو خاصّةٌ؟ ، فأجاب النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآله :
«أَمّا المَأمُورُونَ فَعامَّةُ المُؤمِنِينَ وَأَمَّا الصَّادِقُونَ فَخَاصَّةُ أَخِي عَلِيٌّ وَأَوصِيائُهُ مِنْ بَعْدِهِ إِلى يَومِ القِيامَةِ» (٣).
__________________
١ ـ لِلتفصيل يرجى الرجوع إلى كتب : «نفحات القرآن» ، ج ٩.
٢ ـ المصدر السابق.
٣ ـ ينابيع المودة ، ص ١١٥.