يقول القرآن الكريم : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً* وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً).
فهذه الشّمس المنيرة ، وهذا السّراجُ المنير ، يتولّى وظيفتين ، فمن جِهة أنّه يُضيء لِلإنسان الطريق إلى الله تعالى ، ليعرف الطّريق الصّحيح والجادة المؤدّية إلى الحقّ والصّلاح ، ويبتعد عن حافّة الهاوية.
ومن جهةٍ اخرى ، فإنّ هذا النّور الإلهي ، يؤثّر لا شعوريّاً في واقع الإنسان ، ويتولى إصلاح النّفس في خطّ التّربية الأخلاقيّة ، ويساعدها في عمليّة التّكامل والرّقي.
وكَنموذجٍ على ذلك ، ما نقرأه في الحديث المرفوع عن «هِشام بن الحَكم» ، ومناظرته مع «عَمرو بن عُبيد» ، العالم بِعلم الكلام السّني ، عند ما ذَهب هشام إلى البصرة ، وأجبره ببيانٍ لطيفٍ ومنطقي ، على الإعتراف بِلزوم وجود الإمام في كلّ عصرٍ وزمانٍ.
قال هشام : بلغني ما فيه عَمرو بن عبيد ، وجلوسه في مسجد البصرة ، فعظُم ذلك عليّ ، فخرجت إليه ودخلت البصرة يوم الجمعة ، فأتَيت مَسجد البَصرة ، فإذا أنا بحلقةٍ كبيرةٍ فيها عَمرو بن عبيد ، وعليه شَملةٌ سوداءٌ ، متّزراً بها ، من صوفٍ وشملةٌ مرتدياً بها ، والنّاس يسألونه ، فإستفْرَجت النّاس فأَفرَجوا لي ، ثمّ قَعدت في آخر القَوم ، على رَكبتي ، ثم قلت : أيّها العالم ، إِنّي رجلٌ غريبٌ تأذن ، لي في مسألةٍ!.
فقال لي : نَعم.
فقلت له : أَلك عَينٌ؟
فقال : يا بُنيّ أيّ شيءٍ هذا السّؤال ، وشيء تراه كيف تَسأل عنه.
فقلت : هكذا مَسألتي.
فقال : يا بُنيّ سَلُ وإن كانت مَسألتك حَمقاء.
قلت : أجبني فيها.
قال لي : سَلْ.
قلتُ : ألكَ عينٌ؟