ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه قرأه : عمل غير صلح بالتنوين (١). فمن قرأ بالنصب : عمل غير صالح أي : أن ابنك عمل غير صالح ، ومن قرأه : عمل يكون معناه ـ والله أعلم ـ أن سؤالك عمل غير صالح وكلا القراءتين يجوز أن يصرف إلى ابنه ، أي : أنه عمل غير صالح وهو عمل الكفر ، و (عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) أي : الذي كان عليه عمل غير صالح ، والله أعلم.
وقوله : (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) ثم قال : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) : هذا في الظاهر يخرج على التكذيب له ، لكن الوجه فيه أنه من أهلك على ما عندك ، وليس هو من أهلك فيما بشرتك من نجاة أهلك.
وقوله : (وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُ) : يحتمل وجهين :
يحتمل وإن وعدك بإغراق الظلمة حق.
والثاني : وإن وعدك بنجاة المؤمنين حق وأنت أحكم الحاكمين.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) : يحتمل هذا نهيا عن سؤال ما لم يؤذن له من بعد ؛ لأن الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ كانوا لا يسألون شيئا إلا بعد الإذن لهم في السؤال ، وإن كان يسع لهم السؤال ، أو أن يكون عتابا لما سبق ، والأنبياء ـ عليهمالسلام ـ كانوا يعاتبون في أشياء يحل لهم ذلك ؛ نحو قوله لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا) [التوبة : ٤٣] ، وقد كان له (٢) الأمر بالقعود والنهي عن الخروج بقوله : (فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً) [التوبة : ٨٣] ونحوه.
__________________
ـ وعلى الأوجه لا يحتاج في الإخبار بالمصدر إلى تأويل ؛ لأن كليهما معنى من المعاني ، وعلى الوجه الرابع يكون من كلام نوح ـ عليه الصلاة والسلام ـ أي : أن نوحا قال : إن كونك مع الكافرين وتركك الركوب معنا عمل غير صالح ، بخلاف ما تقدم ؛ فإنه من قول الله تعالى فقط. هكذا قال مكي ، وفيه نظر ، بل الظاهر أن الكل من كلام الله تعالى.
ينظر : الحجة (٤ / ٣٤١) وإعراب القراءات السبع (١ / ٢٨٣) ، وحجة القراءات (٣٤١) وقرأ بها أيضا يعقوب.
وينظر : الإتحاف (٢ / ١٢٧) والمحرر الوجيز (٣ / ١٧٧) والبحر المحيط (٥ / ٢٢٩) والدر المصون (٤ / ١٠٤) ، واللباب (١٠ / ٥٠٠ ، ٥٠١).
(٢) أخرجه أحمد (٦ / ٤٥٤ ، ٤٥٩ ، ٤٦٠) ، وأبو داود (٣٩٨٢ ، ٣٩٨٣) والترمذي (٢٩٣٢) من طريق شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد.
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٦٠٧) وعزاه لأحمد وأبي داود والترمذي والطبراني والحاكم وابن مردويه وأبي نعيم في الحلية من طريق شهر بن حوشب عن أم سلمة ، قال عبد بن حميد : أم سلمة هي أسماء بنت يزيد.
(١) ذكره السيوطي في الدر (٣ / ٦٠٦) وعزاه لابن المنذر عن علقمة عن ابن مسعود.
(٢) في أ : منه.