وقوله : (فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ) من المؤمنين ؛ فهو في ظاهره خبر على المستقبل ؛ أي : ينجي من يشاء من هؤلاء المؤمنين.
ويشبه أن يكون على الخبر في أولئك ؛ فإن كان على هذا ؛ فيجيء أن يكون نجينا من نشاء (١) منهم ؛ وأهلكنا من نشاء منهم ، لكن يجوز هذا في اللغة ، أو يكون في الآخرة ننجي من نشاء.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ).
أي لا يرد عذابنا إذا نزل عن المجرمين.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ).
يحتمل قوله : (فِي قَصَصِهِمْ) قصة يوسف وإخوته وغيره ؛ عبرة لأولى الألباب. ويحتمل (قَصَصِهِمْ) : قصص الرسل والأمم السالفة جميعا عبرة لأولى الألباب ، والاعتبار إنما يكون لأولى الألباب ؛ الذين ينتفعون بلبهم (٢) وعقلهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى).
يحتمل ؛ أي : ما حديث محمد صلىاللهعليهوسلم ؛ وما أخبر من القصص وأخبار الرسل والأمم السالفة ؛ بالذي افتري ؛ بل إنما أخبر ما كان في الكتب السالفة على غير تعلم منه ولا دراسة كتب.
ويحتمل : ما كان هذا القرآن بالذي يقدر أن يفترى.
(وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ).
أي : تصديق الذي نزل على رسول الله ـ الكتب التي كانت من قبل.
(وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ).
أي تفصيل ما للناس حاجة إليه.
(وَهُدىً) من الضلالة لمن اهتدى.
(وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) وفيما ذكر من قصة يوسف وإخوته على رسول الله دلالة التصبير (٣) على [أذى](٤) قريش ؛ يقول : إن إخوة يوسف ـ عليهالسلام ـ مع موافقتهم إياه في الدين والنسب والموالاة ـ عملوا بيوسف ما عملوا من الكيد والمكر به ؛ فقومك ـ مع مخالفتهم إياك في الدين ـ أحرى أن تصبر على أذاهم. وبالله العصمة.
__________________
(١) في ب : شئنا.
(٢) في أ : بنيتهم.
(٣) في أ : التصبر.
(٤) سقط في ب.