أي : ذهب.
(وَما تَزْدادُ) أي : ما تحمل وما تغيض الأرحام ، فتلد بدون الوقت الذي تلد النساء ، وما تزداد على الوقت الذي تلد النساء.
أو (وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ) في زيادة عدد الأولاد ونقصانهم ؛ ما تحمل واحدا أو أكثر من واحد ، أو يكون في زيادة قدر نفس الولد ونقصانه ؛ لأن من الولد ما يصيبه في البطن آفة ؛ فلا يزال يزداد له نقصان في البطن ، ومنه ما ينمو ويزداد ؛ وأمثاله. والله أعلم.
(وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) مقدّر بالتقدير ؛ ليس على الجزاف ؛ على ما يكون عند الخلق ، ولكنه بتقدير وتدبير.
(عالِمُ الْغَيْبِ) قال بعضهم : لا يغيب عنه شيء ، ولكن هو عالم بالذى يغيب عن الخلق ويشهده الخلق ؛ أي : ما يغيب عنهم وما يشهدونه عنده بمحل واحد في العلم به.
وقال بعضهم : (عالِمُ الْغَيْبِ) : ما غاب بنفسه ، وما شهد بنفسه ؛ فالغائب بنفسه : هو ما لم يوجد بعد ؛ ولم يكن ، والشهادة : ما قد وجد وكان ، يعلم ما لم يوجد بعد أنه يوجد أو لا يوجد ، وإذا وجد ، كيف يوجد ؛ ومتى يوجد ؛ وفي أي : وقت يوجد ؛ وما جد وشهد ؛ يعلمه شاهدا موجودا.
على هذين الوجهين يجوز أن تخرج الآية ؛ والله أعلم ؛ ويعلم ما غاب عنهم مما شهدوا من نحو قوة الطعام في الطعام ، والقوة التي في الماء ، وماهية البصر والسمع ، والعقل والروح ، وكيفيتها ، وهذا كله مما غاب عن الخلق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ).
[المتعال](١) عن جميع ما يحتمله الخلق ؛ يقال : هذا عظيم القوم ؛ وكبيرهم ، وهذا واحد زمانه ؛ لا يعنون عظيم النفس وكبيره أو توحده من حيث العدد ؛ ولكن من حيث نفاذ الأمر له والمشيئة فيهم ؛ والعزة والسلطان ، وذلة الخلق له والخضوع ؛ فعلى ذلك لا [يفهم مما](٢) وصف هو به ؛ ما يفهم من الخلق من عظم الجسم وكبر النفس ، وعلى ذلك ما وصف هو بأسماء ـ لا يحتمل ذلك في الخلق ، يقال : أوّل وآخر ، وظاهر وباطن ، وعظيم ولطيف ؛ ليعلم أنه ليس يفهم مما أضيف إليه ؛ ووصف هو به ؛ ما يفهم مما يضاف إلى الخلق ؛ إذ من قيل في الشاهد : إنه عظيم ـ لم يقل إنه لطيف ، ومن قيل : إنه أوّل ـ لم يقل
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في أ : لا يعزم فيما.