وأما نعمه [فهو] ما ذكر.
(لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ).
وقوله : (لَهُ مُعَقِّباتٌ) قال بعضهم (١) : هم (٢) الأمراء ، والشرط الذي يحفظونه في ظواهر من أمره ؛ يخبر أنه محفوظ عليه الخفيات من أمره ؛ حيث قال : (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ ...) الآية ؛ حيث أخبر أنه يعلم ذلك ومحفوظ عليه الظواهر من أمره.
وقال بعضهم (٣) : (لَهُ مُعَقِّباتٌ) : الملائكة الذين يحفظونه ، وعلى ذلك روي في الخبر عن النبى صلىاللهعليهوسلم قال : «يجتمعون فيكم عند صلاة العصر وصلاة الصبح يحفظونه من بين يديه ومن خلفه» (٤) ، مثل قوله : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) [ق : ١٧] قال : الحسنات من بين يديه والسيئات من خلفه ؛ الذي عن يمينه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَهُ مُعَقِّباتٌ) يحتمل قوله : (لَهُ) ، أي : لله معقبات يحفظونه ، ويحتمل : (لَهُ) من كل ذكر وأنثى ؛ يكون مثله قوله : (يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى).
وقوله : (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) يحتمل قوله : (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) ، أي : يحفظون نفسه من البلايا والنكبات التي تنزل على بني آدم ؛ فإن كان في حفظ نفسه فقوله من أمر الله ؛ أي : من عذاب الله وبلاياه ؛ كقوله : (حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا) [هود : ٤٠] ، وهو عذابنا.
ويحتمل قوله : يحفظون أعماله ؛ بأمر الله ، ثم يحتمل قوله : (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) [وجوها : يحتمل : من بين يديه : الخيرات التي يعملها ، ومن خلفه](٥) : الشرور والسيئات ، ويحتمل قوله : (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) : ما قدّم من الأعمال ، (وَمِنْ خَلْفِهِ) : ما بقي وأخّر ؛ كقوله : (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) [الانفطار : ٥] ويحتمل (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) : ما مضى من الوقت ، (وَمِنْ خَلْفِهِ) : ما بقي. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ).
__________________
(١) قاله عكرمة ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٢٢٨).
(٢) في ب : هو.
(٣) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٢١٥ ، ٢٠٢١٧) ، وعن الحسن (٢٠٢١٠) ومجاهد (٢٠٢١٢ ، ٢٠٢١٤) وإبراهيم (٢٠٢١٨) وقتادة (٢٠٢٢١ ، ٢٠٢٢٢) وغيرهم.
(٤) أخرجه البخاري (٢ / ٣٣) كتاب المواقيت : باب فضل صلاة العصر (٥٥٥) ومسلم (١ / ٤٣٩) كتاب المساجد : باب فضل صلاة الصبح والعصر (٢١٠ / ٦٣٢) ومالك في الموطأ (١ / ١٧٠) كتاب قصر الصلاة في السفر باب : جامع الصلاة (٨٢) والبغوى في شرح السنة (٢ / ٣٨ ، ٣٩).
(٥) سقط في أ.