اعتداء ، والمكر هو ما ذكرنا أنه الأخذ من حيث الأمن ، من حيث لا يشعرون به.
وقال أبو عوسجة : المحال عندى من المكر.
وقال أبو عوسجة : المعقبات الحفظة الذين يحفظونه بأمر الله ، ويقال عقبته أي : حفظته ، وأما قوله (لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) [الرعد : ٤١] أي : لا رادّ لحكمه قال ويقال في غير هذا أعقب فلان فلانا ، أي : ذهب هو وجاء هو ، ويقال : عقبت أي : رجعت ، ومأخذهما من العقب ، ويقال : رجع على عقبيه ، أي : من حيث جاء.
وقال القتبي (١) : معقبات : ملائكة يعقب بعضها بعضا في الليل والنهار إذا مضى فريق خلف بعده فريق آخر يحفظونه من أمر الله ، أي : بأمر الله.
وقوله : (وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ) [الرعد : ١١] أي : ولى ، مثل قادر وقدير ، وحافظ وحفيظ وذلك جائز في اللغة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِ) يحتمل وجهين :
يحتمل أي : له عبادة الحق ، وليس لمن دونه عبادة الحق ، أي : هو المستحق للعبادة ليس ممن يعبد دونه بالذى يستحق العبادة وعبادة الحق [له](٢) ليس لمن دونه.
والثاني : له دعوة الحق ؛ أي : له إجابة دعوة الحق ليس يملك من دونه إجابة من دعا بالحق.
فعلى التأويل الأول الدعوة : العبادة ، وعلى الثاني الدعوة : الإجابة ، أي : له إجابة دعوة من دعا بالحق والله أعلم هو يملك إجابة دعوة الخلق ، فأما من عبد دونه ودعي دونه لا يملك ذلك ، يدل على ذلك قوله : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ) أي : والذين يدعون من دونه لا يملكون الإجابة ، أو لا يملكون ما يأملون من عبادتهم الأصنام فيكون مثله ما ذكر (إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ) وهو (٣) ضرب مثل من يدعو من دون الله كباسط (٤) كفيه إلى الماء هو ـ والله أعلم ـ ليس من يدعو من دون الله إلا كباسط كفيه إلى الماء فيدعو الماء ، فكما (٥) لا يجيبه الماء وإن دعاه فعلى ذلك من يدعو الأصنام لا يملكون إجابته ، والله أعلم بذلك ، أو أن يكون وجه ضرب هذا المثل أن من عبد دون الله أو دعا من دونه ليس إلا كباسط كفيه إلى الماء وهو على بعد من
__________________
(١) ينظر : تفسير غريب القرآن (٢٢٥).
(٢) سقط في ب.
(٣) في أ : وجه.
(٤) في ب : بباسط.
(٥) في ب : فكذا.