فيما بينهم وبين ربهم ، فلم [يذكر فيهم](١) التسبيح (٢) ؛ بحمده ، وذكر في الرعد والملائكة من خيفته ، أي : من خوفه ، ثم الخوف يخرج على وجهين :
أحدهما : خوفا من عقوبته ؛ لأنه (٣) قد جاء فيهم الوعيد إذا زلوا كقوله : (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ ...) [الأنبياء : ٢٩] الآية.
والثاني : [خوف](٤) رهبة وهيبة لا خوف عقوبة ؛ لأن الله تعالى وصفهم بالطاعة له والاستسلام ، كقوله : (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) [التحريم : ٦] وقوله : (وَلا يَسْتَحْسِرُونَ ...) الآية [الأنبياء : ١٩] ونحو ذلك.
ثم خوف الهيبة لا يزول في الآخرة ، وخوف العقوبة يزول.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ) قيل : الصعقة : الصيحة التي فيها موت البعض ، ويذهب عقل البعض ، كقوله : (فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) [الزمر : ٦٨] وقيل : هي (٥) اسم العذاب وقد ذكرنا فيما تقدم ذكره في بعض الأخبار أن رجلا أتى النبي صلىاللهعليهوسلم فسأله عن شيء من أمر الرب فجاءت صاعقة فأحرقته فنزل (وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ)(٦).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ) أي : في توحيد الله ؛ لأن أهل الكفر كلهم كانت مجادلتهم في توحيد الله وألوهيته وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) قال بعضهم (٧) : شديد الانتقام والعقوبة وقيل (٨) : شديد القوة وقيل (٩) : شديد الأخذ.
وقال القتبي (١٠) : (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) من الكيد والمكر ، وأصل المحال الحيلة ، لكن سمي باسم الأول ؛ لأنه جزاء الحيلة ، فيكون كتسمية جزاء السيئة سيئة وجزاء الاعتداء
__________________
(١) في ب : يذكرهم.
(٢) زاد في أ : فيهم تسبيح.
(٣) في أ : فإنه.
(٤) سقط في ب.
(٥) في ب : هم.
(٦) أخرجه النسائي والبزار وأبو يعلى وابن جرير (٢٠٢٧٠) وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبرانى في الأوسط وابن مردويه والبيهقي في الدلائل ، عن أنس بن مالك ، كما في الدر المنثور (٤ / ٩٩) وقد روى الحديث من أوجه أخرى مرسلة فانظرها في المصدر السابق.
(٧) قاله مجاهد ، أخرجه ابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ١٠٠).
(٨) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ١٠٠) وعن مجاهد وقتادة أخرجه ابن جرير عنهما (٢٠٢٧٤ ، ٢٠٢٧٥).
(٩) قاله على ابن أبي طالب ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٢٧٣).
(١٠) ينظر : تفسير غريب القرآن ص (٢٢٦).