فإن ثبت هذا ؛ فهو هو.
وعن على ـ رضى الله عنه ـ أنه سئل عن [البرق والرعد](١)؟ فقال : الرعد : الملك ، والبرق : ضربة السحاب بمخراق من حديد (٢).
وقيل (٣) : الرعد : ملك على ما ذكرنا ، يزجر السحاب بالتسبيح ويسوقه ؛ فإذا شذت سحابة ضمها ، وإذا اشتد غضبه صار من فيه النار ؛ فهى الصواعق.
وقيل : هي الريح تسوق السحاب ؛ فإذا تراكمت السحاب ؛ فلم تجد منفذا صوتت ؛ فذلك صوتها.
وقال بعض الفلاسفة : الرعد اصطكاك الأجرام ؛ فيحدث هذا الصوت ؛ بمنزلة الحجر يحك الحجر. وقال بعضهم من الفلاسفة : إنما هي ريح تختنق تحت السحاب فتصدعه فذلك الصوت منه.
وأي : شيء كان الرعد : الملك ، أو الريح ، أو ما كان فالتسبيح يحتمل من كل شيء ، على ما أخبر الله ـ عزوجل ـ التسبيح من كل شيء ؛ حيث قال : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) [الإسراء : ٤٤] فيحتمل تسبيح الخلقة ؛ جعل في خلقه كل شيء حصانة (٤) وبراءة [منشئه من](٥) كل ما وصفه الملحدون ، ودلالة ألوهيته وربوبيته.
ويحتمل تسبيحه : قول جعل في سرية كل شيء تسبيحه وتنزيهه ما لا يفهمه الخلق.
وعن أبى سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال : الرعد ملك ، وهذا تسبيحه ، والبرق صوته الذي يزجي به السحاب. قيل : أمثال هذا كثير ، والله أعلم بذلك ، وليس لنا إلى معرفة ذلك حاجة ؛ سوى أنه هول هائل يهول الخلق ، ويذكرهم سلطانه وعظمته ، ولو لا أنهم اعتادوا ذلك ؛ وإلا لم تقم أنفسهم لسماع ذلك.
وقوله : (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ) أي : يذكرهم سلطانه وعظمته يكون ذلك تسبيحه ، وما ذكروا من سلطانه وعظمته ، (وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ) أي : تسبيح الملائكة من خوفه ، الرعد يسبح ويذكر الخلق عظمة الله وسلطانه ، فذلك (٦) الثناء عليه والملائكة يسبحونه
__________________
(١) في ب : الرعد والبرق.
(٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب المطر وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه والخرائطي في مكارم الأخلاق ، كما في الدر المنثور (٤ / ٩٦).
(٣) قاله شهر بن حوشب أخرجه عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عنه في الدر المنثور (٤ / ٩٧).
(٤) في أ : حمد صانعه.
(٥) سقط في أ.
(٦) في أ : فدل.