حتى يكون في نفسه صلاح ، حيث قال : (وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ ...) إلى آخر ما ذكر ؛ وهو ما قال لنوح : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) [هود : ٤٦] دل هذا أن صلاح والده أو قريبه لا يجدي له نفعا في الآخرة والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ).
هذا يحتمل أن يكون لمقامهم ومنازلهم أبواب ؛ فيدخل عليهم من كل باب ملك.
والثاني : يحتمل أن [يكون](١) يأتي كل ملك بتحفة [غير التحفة](٢) التي أتى بها الآخر على اختلاف خيراتهم وقدر أعمالهم.
(مِنْ كُلِّ بابٍ) أي : من كل نوع من التحف. وفيه وجهان :
أحدهما : أن الملائكة يكونون خدم أهل الجنة ، وفي ذلك تفضيل [البشر](٣) عليهم.
أو أن يكون على حق المصاحبة ؛ لما أحبوا هم أهل الخير من البشر في الدنيا ؛ لخيرهم ؛ فجعل الله بينهم الرفقة ، والصحبة في الآخرة والله أعلم بذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ) كقوله : (تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) [إبراهيم : ٢٣].
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) هو ما ذكرنا في قوله أولئك لهم عقبى الدار.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) العهد قد ذكرناه في غير موضع ، وكذلك النقض.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ).
كل حرف من هذه الحروف يقتضي معنى الحرف الآخر ؛ إذا نقضوا العهد ، والميثاق : قد قطعوا ما أمر الله به أن يوصل ؛ وسعوا في الأرض بالفساد ، وإذا قطعوا ما أمر الله به أن يوصل : نقضوا العهد ؛ وسعوا في الأرض بالفساد ؛ إلا أن يقال : إن نقض العهد يكون بالاعتقاد ؛ وذلك يكون [بينهم وبين ربهم](٤) ، وكذلك قطع ما أمر الله به أن يوصل إذا كان الأمر الذي أمر به صلة الإيمان بالنبيين والكتب جميعا ؛ فإن كان صلة الأرحام ؛ فهو فعل ؛ والسعي في الأرض بالفساد فعل أيضا ؛ من زنا أو سرقة أو قطع الطريق ، وغير ذلك من المعاصي [ما كان ، فهو الإفساد في الأرض والله أعلم. والإفساد في الأرض يحتمل :
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في أ.
(٤) في أ : منهم وبين نسائهم.