والسفه سيئة ؛ والحلم (١) حسنة.
(أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ).
أي : عقبى أولئك الذين صبروا ؛ على ما ذكر ؛ من وفاء العهد والصلة التي أمروا بها أن يصلوا ؛ والصبر على أداء ما أمر به وافترض عليهم ؛ والانتهاء عما (٢) نهى عنه ـ الدار التي دعاهم إليها بقوله : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ) [يونس : ٢٥].
والثاني : (أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) أي : عقبى حسناتهم دار الجنة ، وأولئك لهم عقبى هذه الدار الجنة ، أو عاقبتهم دار الجنة.
ثم نعت تلك الدار (٣) ؛ فقال : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها).
عدن : قال أهل التأويل (٤) : عدن : هو بطان (٥) الجنة ؛ وهو وسطها ، وقال بعضهم : عدن هو الإقامة ؛ أي : جنات يقيمون فيها ؛ يقال : عدن : أي : أقام.
وقوله : ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ).
فإن قيل : كيف خص بالذكر الآباء والأزواج والذرية ؛ وهم قد دخلوا في قوله : (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ) وفي قوله : (يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ) فما معنى تخصيصهم بالذكر؟
هذا يحتمل وجوها :
أحدها : أنهم أسلموا ؛ فاخترموا (٦) ؛ أي : ماتوا كما أسلموا ؛ ولم يكن لهم مما ذكر من الخيرات والحسنات ؛ فأخبر أن هؤلاء [يدخلونها ـ أيضا ـ](٧) ويلحقون بأولئك.
والثاني : لم يبلغوا الدرجة التي بلغ أولئك ؛ فأخبر ـ عزوجل ـ أنه يبلغهم درجة أولئك ويلحقهم به ؛ كقوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ...) الآية [الطور : ٢١] يضم بعضهم إلى بعض في الآخرة كما كانوا في الدنيا ، يضم كل ذي قرين في الدنيا قرينه إليه في الآخرة.
وفي قوله : (وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ) وما ذكر دلالة أن صلاح غيره وإن قرب منه لا ينفعه ؛
__________________
(١) في أ : والحكم.
(٢) في ب : الذي.
(٣) في أ : الجار.
(٤) قاله ابن مسعود ، أخرجه عبد الرزاق والفريابى وابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ١٠٨).
(٥) في ب : بطنان.
(٦) في أ : فاحترموا.
(٧) في أ : يدخلوها.