وقوله ـ عزوجل ـ : (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ).
[طوبى](١) قيل (٢) : خير لهم وغبطة ، وقيل (٣) : حسنى لهم ونعمى لهم ، وقيل (٤) : يقال : طوبى لك ؛ إن أصبت خيرا ، وقيل (٥) : هو اسم الجنة بلسان الحبشة ؛ وقيل (٦) : بالهندية ، وقيل (٧) : اسم شجرة في الجنة أصلها في دار رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ وأغصانها في دار أمته ، فإن كان هذا ، وهو اسم شجرة ؛ فذلك لا يستقيم إلا [على تقدمة كان](٨) أهل الكتاب ؛ ادعوها لأنفسهم ؛ فأخبر أنها للذين آمنوا لا لهم كقولهم : (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) [البقرة : ١١١] [ثم](٩) قال ـ عزوجل ـ : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) [البقرة : ١١٢] ادعوا الجنة لأنفسهم ؛ فأخبر أنها ليست لهم ؛ ولكن للذي أسلم وأخلص وجهه لله ؛ فعلى ذلك يشبه أن يكونوا ادعوا طوبى لأنفسهم فأخبر أنها ليست لهم ، ولكن للذين آمنوا.
وإن كان في مشركي العرب ؛ فهم ينكرون البعث والجنة والنار ، فيشبه أن يكونوا قالوا : إن كان بعث على ما تقولون وجنة وطوبى ؛ فهي لنا ؛ كقوله : (لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً) [الكهف : ٣٦].
وقال بعضهم : (طُوبى) : كلمة مدح الله ثوابهم ، وغبطهم بها.
وقال بعضهم : (طُوبى) : كرامة أعد الله لأوليائه ، وهي مذكورة في الكتب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ).
أي : كما أرسلنا إلى أمم من قبلك رسلا (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ) [وقال كل واحد من الرسل](١٠) : (رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ...) الآية أي : كل رسول كان
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) قاله الضحاك ، أخرجه ابن جرير (٢٠٣٦٥ ، ٢٠٣٦٧) وأبو الشيخ عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ١١١).
(٣) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير (٢٠٣٦٩ ، ٢٠٣٧٠) وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، كما في الدر المنثور (٤ / ١١١).
(٤) هو قول قتادة السابق.
(٥) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٣٧٣ ، ٢٠٣٧٤).
(٦) قاله سعيد بن مسجوح أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٣٧٥ ، ٢٠٣٧٦) وعن سعيد بن جبير أخرجه ابن المنذر ، كما في الدر المنثور (٤ / ١١١).
(٧) قاله ابن عباس بنحوه ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٣٨٢) وعن أبي هريرة (٢٠٣٨٣ ، ٢٠٣٨٥) وشهر ابن حوشب (٢٠٣٨٤ ، ٢٠٣٨٦) وغيرهم.
(٨) في أ : تقدمه عن.
(٩) سقط في أ.
(١٠) في أ : وقالوا.