يقول الله : أنا القائم على كل نفس ؛ أرزقهم وأطعمهم ؛ أفأكون أنا وشركائي الذين لا يفعلون ذلك سواء؟
والوجه فيه ما وصفنا : أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت ؛ أي : يرزق ويبصر (١) و [يعلم ما تعمل وتكسب ويحفظ](٢) عن أنواع البلايا ؛ كمن هو أعمى جاهل عاجز عن ذلك كله؟ أي : ليس هذا كذلك. ويسفههم في إشراكهم الأصنام التي عبدوها في الألوهية والعبادة ، وهي بالوصف الذي ذكر ؛ كمن هو أعمى عاجز عن ذلك؟ أي : ليسا بسواء.
وقوله : (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) يحتمل قائم على كل نفس بما كسبت ؛ فيما قدر لها وقواها أو في الجزاء يجزي على ما تكسب.
(وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ) في العبادة ؛ أو في تسميتهم آلهة ، لا يعلمون ما (٣) كسب لها ، ولا يملكون جزاء ما كسبوا لها أيضا.
يبين سفههم في جعلهم هذه الأصنام والأوثان شركاء لله في العبادة ؛ وتسميتهم آلهة ؛ مع علمهم أنهم لا يقدرون ولا يملكون شيئا من ذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ سَمُّوهُمْ).
قال بعض أهل التأويل (٤) : قوله : (قُلْ سَمُّوهُمْ) بذلك الاسم ؛ ولو سموهم ، [سموهم](٥) بكذب وباطل وزور.
وعندنا قوله : (قُلْ سَمُّوهُمْ) أي : لو سميتموها آلهة واتخذتموها معبودا ؛ فسموهم أيضا بأسماء سميتم الله ؛ من نحو : الخالق والرازق والرحمن والرحيم ؛ ونحوه.
يقول ـ والله أعلم ـ إذ (٦) سميتم هذه الأصنام آلهة ومعبودا (٧) ، سموهم أيضا : خالقا ورازقا ورحمانا ورحيما ، وهم يعلمون أنها ليست كذلك. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ).
أي : أم تنبئون الله ؛ وهو عالم بما في السموات وما في الأرض ؛ وعالم بكل شيء ، وهو لا يعلم في الأرض ما تقولون من الآلهة وما تصفونه بالشركاء؟! وكذلك يخرج قوله :
__________________
(١) في أ : ويصبر.
(٢) في أ : ويعمل ما نعمل ونكسب.
(٣) في أ : مما.
(٤) قاله الضحاك بنحوه ، أخرجه ابن جرير (٢٠٤٤٤) وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ١٢٠).
(٥) سقط في أ.
(٦) في أ : أو.
(٧) في أ : وسواء.