وإذا كان مسلما ثم ختم بالكفر ـ محيت أعماله التي كانت له من الصالحات ، فلم ينتفعوا بها.
أو أن يكون ما ذكر من المحو والإثبات : هو ما يكتب الحفظة من الأعمال والأفعال يمحي عنها ما لا جزاء لها ولا ثواب ؛ ويبقي ما له الجزاء والثواب ويترك مكتوبا كما هو.
أو يكون للخلق مقاصد في أفعالهم ؛ والحفظة لا يطّلعون على مقاصدهم ؛ فيكتبون هم ما هو في الحقيقة حسنة ؛ لقصده سيئة ؛ على ظاهر ما عمل (١) ، أو حسنة في الظاهر ؛ وهو في الحقيقة سيئة ؛ فيغير (٢) ذلك ؛ فيجعل ما هو في الحقيقة شر وفي الظاهر خير ـ شرّا بالقصد ، وما هو في الحقيقة خير وفي الظاهر شر ـ خيرا.
أو [أن](٣) يكون في كتابة الحفظة لكنه من وجه آخر ؛ وهو أن الحفظة يكتبون الأعمال ؛ ثم يعارض ذلك بما في اللوح المحفوظ ؛ فمحى من كتابة الحفظة من الزيادة ؛ ويثبت فيها ما كان فيه من النقصان. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).
هذا يحتمل : عنده الذي يعارض به كتب الملائكة.
ويحتمل : وعنده أمّ الكتاب الذي يستنسخ منه الكتب التي أنزلت على الأنبياء والرسل ؛ وهو [في](٤) اللوح المحفوظ.
وفيه دلالة أن اختلاف الألسن لا يوجب تغيير المعنى ؛ لأنه لا يدري أن تلك الكتب في اللوح بأى لسان هى ، ثم أنزل منه كل كتاب على لسان الرسول الذي نزل عليه ، وكذلك الملائكة الذين يكتبون أعمال بني آدم ؛ لا يحتمل أن يكتبوا بلسان الخلق ؛ لأنه يظهر لو كانوا يكتبون بلسان هؤلاء ؛ فدل أنهم إنما يكتبون بلسان أنفسهم ، فهذا كله يدل أن اختلاف اللسان لا يوجب اختلاف المعنى. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ).
كأنه صلوات الله وسلامه عليه طمع أو سأله أن يريه جميع ما وعد [له](٥) ؛ من إنزال
__________________
(١) في أ : علمه.
(٢) في أ : فيغفر.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في أ.
(٥) سقط في ب.