على وجوه أربعة :
أحدها : يأمر ويدعوهم إلى ما ذكر.
والثاني : يكشف ويبين.
والثالث : يرغب ويرهب ، حتى يرغبوا في المرغوب ويحذروا المرهوب.
والرابع : تحقيق ما يكون به الهداية ؛ وذلك لا يكون إلا بالله ؛ وهو التوفيق والعصمة ، وأما الوجوه الثلاثة الأول فإنها تكون برسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ يأمر ويدعو ؛ ويرغب ويرهّب ؛ ويبين ويكشف. والله أعلم.
وقوله : (الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ) كأنه قال : كتاب أنزلناه إليك ؛ لتأمر الناس بالخروج مما ذكر إلى ما ذكر.
الثاني : أنزلناه لتخرج به الناس مما ذكر.
(بِإِذْنِ رَبِّهِمْ).
قيل (١) : بأمر ربهم ؛ أي : تدعوهم بأمر ربهم.
وقال قائلون (٢) : بعلم ربهم ؛ أي : أنزل هذه الحروف المقطعة بعلمه.
والثالث : يحتمل بتوفيق ربهم الإذن من الله ، يحتمل [أحد](٣) هذه الوجوه التي ذكرنا : الأمر والعلم والتوفيق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ).
[العزيز الحميد](٤) هو الله ؛ أي : يدعوهم إلى طريق الله الذي من سلكه نجا.
(الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) سمى عزيزا ؛ لأن كل عزيز به يعز ، أو يقال : عزيز ؛ لأنه عزيز بذاته ليس بغيره كالخلائق ، أو العزيز : هو الذي لا يغلب (٥) ، والحميد : هو الذي لا يلحقه الذم في فعله ؛ كالحكيم : هو الذي لا يلحقه الخطأ في تدبيره.
وقال أهل التأويل : العزيز : المنيع ، والحميد : الذي [هو](٦) يقبل اليسير من العبادة.
وقوله : ـ عزوجل ـ : (اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ).
من قرأ بالخفض صيّره موصولا بالأول ، وجعله كلاما واحدا ؛ وأتبع الخفض
__________________
(١) قاله البغوي (٣ / ٢٥).
(٢) قاله البغوي (٣ / ٢٥).
(٣) سقط في ب.
(٤) سقط في أ.
(٥) في أ : يطلب.
(٦) سقط في ب.