بالخفض. ومن قرأ بالرفع : الله الذى جعله مقطوعا عن الأول [على](١) حق الابتداء ؛ فقال : (اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ).
ذكر قوله : (اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ؛ ليعلم أنه بما يأمر الخلق ؛ ويدعوهم إلى دينه ؛ ويمتحنهم بأنواع المحن لا يفعل ذلك لمنافع نفسه أو لحاجته (٢) في ذلك ؛ بل لحاجة الممتحنين ولمنافعهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ).
قال قائلون : الويل : [هو](٣) الشدة ، وقيل : الويل : هو اسم واد في جهنم.
وقال الأصم : الويل : هو نداء كل مكروب وملهوف من شدة البلاء ، وقول الحسن كذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ).
وصف أولئك الذين ذكر أن فيهم الويل من هم ؛ فقال : (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ) أي : آثروا واختاروا الحياة الدنيا على الآخرة ؛ أي : رضوا بها واطمأنوا فيها ؛ كقوله : (وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها) [يونس : ٧] اختاروا الحياة الدنيا للدنيا ؛ لم يختاروا للآخرة ؛ فالدنيا أنشئت لا للدنيا ولكن إنما أنشئت للآخرة ؛ فمن اختارها لها ؛ لا ليسلك بها إلى الآخرة ـ ضلّ وزاغ عن الحق.
وقوله : (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ) [وهو ما ذكرنا](٤) : يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ؛ حتى يلهوا عن الآخرة ؛ ويسهوا فيها ويغفلوا ، وإلا أهل الإسلام ربما يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ، وهو ما ذكرنا : أنهم يختارون ذلك للآخرة ، وأولئك للدنيا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ).
يحتمل (وَيَصُدُّونَ) : وجهين :
أحدهما : أعرضوا هم بأنفسهم.
والثاني : صرفوا الناس عن سبيل الله ؛ الذي من سلكه نجا ، [لكن](٥) إنما يتبين ويظهر ذلك بالمصدر صدّ يصدّ صدّا : صرف غيره ، وصدّ يصدّ صدودا : أعرض هو بنفسه.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في ب : لحاجة.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في ب.
(٥) سقط في أ.