عن صنيع أولئك. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللهُ).
فيه دلالة أن تكلف معرفة الأنساب وحفظها إلى آدم شغل وتكلف ؛ لأنه أخبر أن فيهم من لا يعلمه إلا الله وروي في الخبر أنه كان ينسب إلى مضر ، ولا ينسب إلى أكثر من ذلك.
قال أبو بكر الأصم : قوله : (لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللهُ) [يكذب من ادعى معرفة الأنساب المتقدمة ؛ لأنه قال : (لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللهُ)](١) وقد أخبر أيضا أنه لم يقصّ عليه خبر الكل بقوله : (مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) [غافر : ٧٨] فمن البعيد أن يتكلف تعرف ما لم يقصّ على رسوله والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ).
قيل : البينات : بينات على وحدانية الله وألوهيته ، ويحتمل الحجج التي أتوا بها الرسل على إثبات الرسالة والنبوة.
وقال بعضهم : البينات : ما يتّقون ، وما يأتون ، وما يحل عليهم وما يحرم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ).
يحتمل أن يكون هذا على التمثيل والكناية عن التكذيب وترك الإجابة ؛ لأن رد الأيدى في أفواههم يمنعهم عن التصديق ؛ كقوله : (كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ ...) الآية [الرعد : ١٤] إذا ترك إجابته ، وقوله : (يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) [آل عمران : ١٤٩] وأمثاله.
ويشبه أن يكون على تحقيق جعل الأيدي في أفواههم ، ثم يخرج على وجهين :
أحدهما : (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) : في أفواه الرسل : فيقولون إنكم كذبة.
ويحتمل : ردّ الأيدي في أفواه أنفسهم يصوتون ويستهزءون بهم وبأتباعهم ؛ كقوله : (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ ...) الآية [الأنفال : ٣٥] وقد ذكرنا معناه في موضعه ؛ فعلى ذلك [هذا يحتمل ذلك ،](٢) والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ ...) الآية.
[وقد ذكرنا معناه](٣) ؛ يحتمل قوله : (بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ) التوحيد ؛ لأنهم أرسلوا بالدعاء إلى توحيد الله والعبادة له ، يدل على ذلك قولهم : (وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في ب.