مُرِيبٍ) وقول الرسل (أَفِي اللهِ شَكٌّ ...) الآية.
ويحتمل قوله : (إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ) من إثبات الرسالة ، وإقامة الحجة عليها ، (وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) من التصديق بالرسالة والنبوة.
(مُرِيبٍ) : هذا يدل أنهم كانوا على شكّ مما يعبدون من الأوثان والأصنام ؛ لأنهم لو كان لهم بيان في ذلك وحجة ودعاء إليه ؛ لكانوا لا يقولون : (وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) ولكن كانوا يقطعون فيه القول ؛ فدل أنهم كانوا [على شك وريب](١) ؛ في عبادتهم الأصنام والأوثان التي عبدوها.
ثم الشك والريب ؛ قال بعضهم : هما سواء ، وقال بعضهم : الشك : هو الشك المعروف ، والريب : هو النهاية في الشك.
وقال بعض أهل التأويل (٢) في قوله ـ تعالى ـ : (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) : أي : عضوا على أصابعهم غيظا على ما دعوا.
وقال بعضهم (٣) : ردوا عليهم قولهم أو كذبوهم ، وهو ما ذكرنا بدءا ؛ وقال : ردوا عليهم بأفواههم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ).
أي : أفي ألوهية الله شك ؛ أو في عبادة الله شك؟ أي : ليس في ألوهيته ولا في عبادته شك [إذ تقرون أنتم أنه إله وأنه معبود ، وكذلك أقر آباؤكم أنه إله وأنه معبود ، فليس في ألوهيته ولا في عبادته شك](٤) ؛ إنما كان الشك في عبادة من تعبدون دونه ، من الأوثان والأصنام وألوهيتها ؛ لأن آباءكم أقروا بألوهية الله وأنه معبود ، حيث قالوا : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣] وقالوا : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [يونس : ١٨] وأقروا أنه خالق السموات والأرض ، وفاطر جميع ما فيهما بقولهم : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [لقمان : ٢٥] وإن الأصنام التي عبدوها لم تخلق شيئا ؛ فليس في الله شك عندكم إنما الشك فيما تعبدون دونه ؛ أو في وحدانية الله.
أو يقول : أفي الله شك أنه معبود ؛ أي : ليس في الله شك أنه لم يزل معبودا إنما الشك
__________________
(١) في ب : في شك مريب.
(٢) قاله ابن مسعود ، أخرجه ابن جرير (٢٠٥٩٤ ـ ٢٠٦٠٣) ، وعبد الرزاق والفريابي وأبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ١٣٥).
(٣) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير (٢٠٦٠٦ ، ٢٠٦٠٨) وأبو عبيد وابن المنذر عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ١٣٥).
(٤) سقط في أ.