(لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) لعلهم يتعظون.
وقوله : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً) الكلمة الطيبة : تحتمل التوحيد وفروعها : هي الخوف ، والخشوع ، والخضوع ، والرغبة [والرهبة](١). وأكلها : هو الأعمال الصالحة والخيرات تكون منه.
والكلمة الخبيثة : هي الشرك. وفروعها : ما يكون منه في الشرك ؛ من القساوة (٢) ، والتمرد ، والعناد. وأكلها : هو الأعمال التي تكون منه في الشرك.
أو أن يكون الكلمة الطيبة : هي الأعمال. وفروعها : هي الشرائع والأحكام التي تعمل. وأكلها : هو ما يثاب عليه في الدنيا والآخرة أبدا. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ).
ذكر مرة بالتثبيت ومرة بذكر الزيادة ؛ بقوله : (لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ) [الفتح : ٤] ومرة بذكر الابتداء والتجديد ؛ بقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ) [النساء : ١٣٦]. وقوله : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة : ٦] فالتجديد والابتداء في حادث الوقت ؛ لأن تلك الأفعال تنقضي وتذهب ولا تبقى ، وأما الزيادة على ما كان يضم شيئا إلى ما كان ، والثبات على ما كان فكله واحد في الحقيقة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ).
أضاف الإضلال مرة إلى نفسه ؛ ومرة إلى الشيطان ، ولا شك أن ما أضيف إلى الشيطان إنما أضيف على الذم ، فإذا كان ما ذكر ؛ فتكون الجهة التي أضيف إلى الله ـ غير الجهة التي أضيف إلى الشيطان ، الجهة التي أضيف إلى الله : هو أن خلق [فعل](٣) الضلال من الكافر ، وما أضيف إلى الشيطان : هو على التزيين والتسويل ؛ لتصح الإضافتان. ولو كان على التسمية ـ على ما يقوله المعتزلة : إذ (٤) سماه ضالا ـ لكان كل من سمى آخر ضالا كافرا جاز أن يسمى مضلا ، فإذا لم يسم ـ بتسميته ضالا أو كافرا ـ مضلا دل أنه إنما سمى الله نفسه مضلا ؛ لتحقيق الفعل له فيه ؛ وهو ما ذكرنا : أن خلق فعل الضلال منه.
والمعتزلة يقولون : إن الله هدى الخلق جميعا ؛ لكنهم لم يهتدوا وضلوا من غير أن يكون الله أضلهم. فهذا صرف ظاهر الآية إلى غيره بلا دليل.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في أ : الفساد.
(٣) سقط في ب.
(٤) في ب : أن.