[الأنعام : ١٢١] فوحي الله : هو ثابت دائم ينتفع به أهله (١) في الدنيا والعاقبة ، ووحي الشيطان : هو باطل مضمحلّ لا عاقبة له ؛ ولا ينتفع به أهله. والله أعلم بذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ).
قال بعضهم (٢) : استؤصلت ، وقيل : انتزعت. وقال أبو عوسجة : اقتلعت من أصلها ؛ يقال : جثثت الشجرة أجثها جثّا : إذا قلعتها من أصلها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ما لَها مِنْ قَرارٍ).
هو ما ذكرنا. وقال بعض أهل التأويل : شبه كلمة الشرك بحنظلة قطعت ؛ فلا أصل لها في الأرض ولا فرع في السماء ؛ أي : لا يصعد له عمل (٣) ، وشبه كلمة الإيمان ؛ في نفعها وفضلها وثباتها وقرارها في الأرض ؛ بما ذكر من الشجرة. والله أعلم.
ثم من الناس من احتج بهذا المثل في خلق الإيمان والكفر ؛ فقال : لأنه ضرب مثله بما هو خلق ؛ وهو الشجرة ؛ فعلى ذلك الإيمان.
ولكن عندنا لا بهذا يجب أن يستدل على خلقه ، ولكن لما ثبت أن منشئهما واحد لأنه لو كان منشئهما مختلفا لكان لا يضرب مثل هذا بهذا ولا هذا بهذا ؛ فإذا ضرب دل أن منشئهما واحد ؛ فإذا ثبت ذلك دل على ما وصفنا.
ومن الناس من استدل بهذا أنه يزداد وينقص (٤) ؛ حيث شبهه (٥) بالشجرة ؛ وهي تزداد وتنقص ، ونحن نقول : ليس فيه دلالة ما ذكروا ؛ لأن الشجرة في نفسها ليست بذي حدّ ، والإيمان ذو حدّ ؛ فما يزداد [إنما](٦) هو في حق التزيين والتحسين. وأمّا الإيمان نفسه : فإنه لا يزداد ؛ كالشجرة إذا تورقت وخرجت (٧) ثمارها توصف بالزينة والحسن ، فأمّا نفس الشجرة : فلا توصف بالزيادة ؛ فعلى ذلك الإيمان.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ).
يحتمل : يبين الله الأمثال التي يقع عليها الحس ، ويقع عليها البصر ، والأشياء الظاهرة ؛ لتدلهم على ما استتر وغاب عنهم ، يدركون بالعقول ما استتر وخفي بالظاهر والمحسوس.
__________________
(١) في ب : أهلها.
(٢) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٧٤٠).
(٣) في ب : عمل ولا حمل.
(٤) في ب : ينتقص.
(٥) في ب : شبه.
(٦) سقط في أ.
(٧) في ب : خرج.