وقوله ـ عزوجل ـ : (كُلَّ حِينٍ).
قال قائلون (١) : كلّ عام ؛ لأنها تثمر في كل عام مرة.
وقال قائلون (٢) : ستة أشهر من وقت طلوعها إلى وقت إدراكها.
وقال قائلون (٣) : كل عشية وغدوة ؛ كقوله : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) [الروم : ١٧].
وقال قائلون (٤) : شهرين ؛ وأمثاله.
ويشبه أن يكون ما ذكرنا : أنه ليس في وقت دون وقت ، ولكن الأوقات كلها في كل وقت وكل ساعة.
فإن قال لنا ملحد : إن الكلمة التي ضرب الله مثلها بالشجرة الطيبة ـ [هى](٥) كلمتنا ، ونحن المراد بذلك. والكلمة الخبيثة التي ضرب الله مثلها بالشجرة الخبيثة ـ هى كلمتكم ؛ وأنتم المراد بها لا نحن.
قيل : قد سبق لهذا المثل أمثال ودلائل على أن الكلمة الطيبة هي التي لها عاقبة وآخرة ، وكل أمر له عاقبة والنظر في آخره ـ فهو الحق ، والذي أنتم عليه لا عاقبة له (٦) ولا آخرة ، وفي الحكمة : إن كل أمر لا عاقبة له ـ فهو باطل ؛ والكفر لا عاقبة [له](٧).
والثاني : أن الإيمان والتوحيد له الحجج والدلائل ، والكفر مما لا حجة له ولا دلائل ؛ إنما هو مأخوذ بالأماني والشهوة : من تسويل الشيطان وتزيينه ؛ لذلك كان ما ذكرنا.
وتحتمل الكلمة الطيبة ـ أيضا ـ : أن تكون الوحي الذي أوحى الله إلى رسوله ، والكلمة الخبيثة : ما أوحى الشيطان إليهم ؛ كقوله : (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ ...) الآية
__________________
ـ الأرض ، فكانت ثمارها نقية طاهرة عن جميع الشوائب ، ووصفها أيضا بأنها : (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) والحين في اللغة هو الوقت : والمراد : أن ثمار هذه الشجرة تكون أبدا حاضرة دائمة في كل الأوقات ، ولا تكون مثل الأشجار التي تكون ثمارها حاضرة في بعض الأوقات دون بعض.
ينظر : اللباب (١١ / ٣٨٠).
(١) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٧٢١ ، ٢٠٧٢٣) وعن عكرمة (٢٠٧١٧) ومجاهد (٢٠٧١٩) وغيرهم.
(٢) قاله ابن عباس أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٧٠٦ ، ٢٠٧١٢) وعن عكرمة (٢٠٧٠٧ ، ٢٠٧١١) وسعيد ابن جبير (٢٠٧١٣) وغيرهم.
(٣) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٦٩٣ ، ٢٠٧٠١) وعن الضحاك (٢٠٧٠٢) ، والربيع بن أنس (٢٠٧٠٣ ، ٢٠٧٠٤).
(٤) قاله سعيد بن المسيب ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٧٢٤).
(٥) سقط في أ.
(٦) في ب : عليه.
(٧) سقط في أ.