والسكر : السدّ ، والسكور جمع ، والسكر : مصدر سكر يسكر سكرا ؛ فهو سكران ، وقوم سكرى وسكارى ، والسكرة : الغمرة ، والغمرة : الشدة ، وقال ـ عزوجل ـ : (وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ) [سورة ق : ١٩] أي : شدته.
وقال القتبي (١) : سكرت : غشيت ، ومنه يقال : سكر النهر : إذا سدّ ، فالسكر اسم ما سكرت ، وسكر الشراب منه ؛ إنما هو الغطاء على العقل والعين.
وقال الحسن (٢) : سكرت ـ بالتخفيف ـ : سحرت. وقوله ـ عزوجل ـ (بُرُوجاً) : قال : اثنا عشر برجا ، وأصل البرج الحصن والقصر وقوله : (وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ* إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ) يقول : حفظناها من أن يصل إليها شيطان أو يعلم من أمرها شيئا إلا استراقا ، ثم يتبعه شهاب مبين : أي : كوكب مضيء.
وقال أبو عوسجة : (إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ) : يقال : استرقت السمع : أي : تغفلت قوما حتى سمعت حديثهم ؛ وهم لا يعلمون ، وهكذا لو علم الملائكة أن الشياطين يسترقون السمع ، ويختطفون ـ لمنعوا من ذلك ، وامتنعوا عن التكلم به ؛ حتى لا يستمعون كلامهم ، وحديثهم. و (شِهابٌ) : كوكب ، وقيل : الشهاب : خشبة في طرفها نار ، والشهبان جماعة.
وقال بعضهم : (شِهابٌ مُبِينٌ) لرسول الله كان له خاصّة لم يكن قبل والله أعلم.
وقوله : (وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ) أي : في الأرض والجبال.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ).
قال الحسن : أي : جعلنا [لكم](٣) في الأرض معايش ما تتعيشون به ، ولمن حولكم أيضا ، جعل فيها معايش ، لا ترزقونه أنتم ؛ إنما ذلك على الله ، هو يرزقهم وإياكم.
وقال بعضهم (٤) : (وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ) : الوحوش والطير ، وأما الأنعام : فإنه قد أشركهم البشر في المعايش ، وكان غير هذا أقرب وأوفق : وهو أن أهل مكة كانوا (٥) يمنّون على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ويقولون : نحن ربيناه ، وغذيناه ، وأنفقنا عليه ، ورزقناه ؛ ثم فعل بنا كذا ، فخرج هذا جوابا لهم : (وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ) أي : محمدا.
__________________
(١) ينظر : تفسير غريب القرآن (٢٣٥).
(٢) انظر : تفسير البغوي (٣ / ٤٥).
(٣) سقط في ب.
(٤) قاله منصور ، أخرجه ابن جرير (٢١٠٩١) وابن المنذر وابن أبي حاتم ، كما في الدر المنثور (٤ / ١٧٨).
(٥) في أ : كأنهم.