إن كان أهل الكبائر في قوله : (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ) فيكون قوله : إن المتقين الذين اتقوا الكبائر ؛ وإن كان أصحاب الكبائر لم يدخلوا في قوله : (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ) ، فيكون قوله : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ) للذين اتقوا الشرك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فِي جَنَّاتٍ).
أي : في : بساتين ، والبساتين : هي التي التفّت بالأشجار والنخيل.
والعيون قد تكون جارية في الدنيا ، وقد تكون غير جارية ، فأخبر في آية أخرى بأن عيون الآخرة تكون جارية ؛ بقوله : (فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ) [الرحمن : ٥٠].
(وَعُيُونٍ) : قال بعضهم : ذكر العيون ؛ ليعلم أن مياه الجنة ـ ليست تكون من الثلوج والأنهار العظام ـ على ما تكون في الدنيا ـ ولكن تنبع فيها.
وقال بعضهم : ذكر العيون ؛ لأنه ينبع في بستان كل أحد عين على حدة ، لا يأتي بستانه من ملك آخر ، ومن بستان آخر ، على ما يكون في الدنيا ؛ ولكن تنبع في جنة كل أحد عين على حدة ، على ما أراد الله ، ليس أنها تتصل بالأرض ؛ كما ذكر في قصّة بني إسرائيل : (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) [البقرة : ٦٠] أنشأ الله في ذلك الحجر ما يخرج لهم على غير اتصاله بالأرض ، ولكن بلطفه ينشئ فيه ماء ، فعلى ذلك في الجنان التي وعد.
ويشبه أن يكون ذكر هذا لما يختلف رغائب الناس في الدنيا : منهم من يرغب في العين (١) ؛ ويتلذذ بالنظر إليها ، ومنهم من يرغب في النهر الجاري ، فذكر مرة العيون ، ومرة الأنهار ؛ كقوله : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) [النحل : ٣١] على ما ذكر مرة الخيام ، والقباب ، والغرف ، وأنواع الفرش والبسط ، والكيزان والأكواب ، والجواري والغلمان ، وغير ذلك على ما يرغب الناس في الدنيا : منهم من يرغب [في نوع لا يرغب](٢) في نوع آخر ؛ فذكر فيها كل ما يرغبون في الدنيا ؛ ليبعثهم ذلك على العمل الذي به يوصل إلى ذلك. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ).
قال بعضهم : قوله : (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ) : أي : اجعلوا دخولكم فيها بسلام ؛ على ما أمرهم في الدنيا أن يجعلوا الدخول في المنازل بالسلام ؛ كقوله : (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا
__________________
(١) في أ : الدين.
(٢) سقط في أ.