عَلى أَنْفُسِكُمْ ...) الآية [النور : ٦١] ، وعلى ما أخبر أن الملائكة يسلمون عليهم ؛ كقوله : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ) [الزمر : ٧٣] وكقوله : (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ. إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً) [الحجر : ٥١ ، ٥٢] وقال بعضهم : قوله : (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ) : أي :
ادخلوها بسلام لا يصيبكم مكروه ؛ آمنين لا ينغّصهم خوف ولا حزن ، على ما أخبر (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة : ٣٨]. وقال بعضهم : [...](١) وقوله ـ عزوجل ـ : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ).
قال بعضهم : هو صلة قوله : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) أي : نزعنا ما في صدورهم من غل ؛ الذي كان في الدنيا بالكفر ؛ فصاروا إخوانا بالإسلام الذي هداهم إليه ؛ فكانوا إخوانا ، ثم قيل لهم : ادخلوا الجنة بلا غلّ ، وهو ما قال : (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها) [آل عمران : ١٠٣] قد نزع من قلوبهم الغل في الدنيا ، فصاروا إخوانا فدخلوا الجنة.
وقال بعضهم (٢) : قوله : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ) في الآخرة إذا دخلوا الجنة وتقابلوا واتكئوا على سرر ، فعند ذلك ينزع الغل من قلوبهم ، والمظالم التي كانت بينهم ، فإذا كان هذا فهو بين أهل الإسلام.
وعلى ذلك يحتمل أن يكون [كل من](٣) جفا آخر في الدنيا أن ينسى الله ذلك منهم في الجنة ؛ لأن ذكر الجفاء ينغص (٤) النعم التي فيها ، وكذلك ما يكون بين الرجل وولده من الجفاء والعقوق ـ يجوز أن ينسى ذلك عليهم. وعلى ذلك ما روي عن عليّ رضي الله عنه ؛ قال : إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من الذين قال الله : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ)(٥).
وقوله ـ عزوجل ـ : (مُتَقابِلِينَ)(٦) : قال بعضهم : يجعل الله منازلهم بعضها مقابل بعض ؛ فينظر بعضهم إلى بعض ، ويزور بعضهم بعضا.
وقال بعضهم : يأمر الله السرر التي هم عليها جلوس ؛ ليكون بعضها مقابل بعض ، إذا
__________________
(١) بياض في أ ، ب. وقد أشير إليه فيهما.
(٢) قاله أبو أمامة ، أخرجه ابن جرير (٢١١٩٣ ، ٢١١٩٤) وسعيد بن منصور وابن المنذر ، وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريقين عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ١٨٨).
(٣) سقط في أ.
(٤) في أ : ينقص.
(٥) أخرجه ابن جرير (٢١٢٠٧ ، ٢٢١٩٩) وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم من طرق عنه كما ، في الدر المنثور (٤ / ١٨٨ ، ١٨٩).
(٦) في أ : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ).