ولا شك أن اللؤلؤ والمرجان هما زينة ؛ ألا ترى أنه ذكر في الأنعام زينة وجمالا ، وفي الخيل والبغال كذلك ، فالزينة في اللؤلؤ والمرجان أكثر ، والجمال فيه أظهر أخبر أنه جعل لنا الوصول إلى [ما في](١) قعر البحر وهو ما ذكر من اللؤلؤ وأنواع الحلي ، وما في بطن البحر : وهو ما ذكر من اللحم الطري ، وما هو على وجه الماء : وهو السفن التي ذكر.
ووجه تسخيره إيانا الخيل والأسباب التي علمنا ؛ حتى نصل إلى ما فيه ؛ فكأنه قال : سخرت لكم البحر من أسفله إلى أعلاه.
وفي ذلك دلالات :
إحداها : إباحة التجارة بركوب الأخطار ؛ لأن الغائص [في البحر](٢) يخاطر بنفسه ؛ وروحه ، وكذلك راكب السفن ؛ فلولا أنه مباح له طلب ذلك ؛ وإلا ما ذكر هذا في منته ؛ إذ هو يخرج مخرج ذكر الامتنان. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ) قال الحسن ، والأصم : المواخر : السفن المحشوات (٣) ؛ الوافرة أحمالها وأثقالها ، يذكر منّته التي منّ بها عليهم ؛ حيث جعل لهم السفن والفلك ؛ التي يحمل بها الأحمال الثقال العظام في البحار ما سبيلها التسفّل والانحدار في البحر ؛ فأمسكها فيه بالسفن العظام الثقيلة.
وقال بعضهم (٤) : مواخر : أي : جارية مقبلة مدبرة بريح واحدة في البحر ؛ لأن ماء البحر راكدة ؛ فأجرى السفن فيه بالرياح ؛ حيثما (٥) أرادوا وقصدوا ؛ إذ الأشياء قد تجري [على الماء](٦) إذا كان له جرية ، وأما إذا كان راكدا ساكنا فلا سبيل إلى ذلك ؛ فيذكر عظيم منته وقدرته على إجراء السفن في الماء الراكد بالريح.
وقال [بعضهم](٧) : (مَواخِرَ) أي : جواري تشق الماء شقّا وتخرقه ، يقال : مخرت السفينة ؛ ومنه : مخر الأرض : إنما هو شق الماء لها ؛ وهو قول القتبي (٨).
وكذلك قال أبو عبيدة (٩) : إنه من شق السفن الماء. وقال أبو عوسجة : المواخر :
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في ب.
(٣) أخرجه ابن جرير (٢١٥٢٥) وذكره البغوي (٣ / ٦٤).
(٤) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير عنه (٢١٥٣٣ ، ٢١٥٣٤) وعن الحسن (٢١٥٣٥).
(٥) في أ : حيث.
(٦) في ب : على جرية ماء.
(٧) سقط في أ.
(٨) ينظر : تفسير غريب القرآن (٢٤٢).
(٩) ينظر : مجاز القرآن (١ / ٣٥٧).