أسباب ، ومن شيء ومن لا شيء. ويذكر نعمه : حيث أخبر أنه خلق في الأرض من الأصناف المختلفة ، والجواهر المتفرقة ؛ لينتفعوا بها.
ويحتمل قوله : (مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) من جنس واحد ؛ من شيء واحد ؛ لأنه يكون من جنس واحد ألوان مختلفة ، ومن قدر على إنشاء ألوان مختلفة من شيء واحد لا يعجزه شيء.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) ، وفي آية : (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) ، وفي آية (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ، وفي آية : (لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) [لقمان : ٣١] ، و (لِلْمُتَوَسِّمِينَ) ، وفي آية : (لِلْمُؤْمِنِينَ).
فيحتمل أن يكون كله كناية عن المؤمنين ؛ كأنه قال : إن في ذلك لآية للمؤمنين ؛ إذ يجمع الإيمان جميع ما ذكر : من التفكر ، والتذكر ، والعقل ، والاعتبار ، والصبر ، والشكر ، وغيره.
ويحتمل : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ، و (يَعْقِلُونَ) ، و (يَذَّكَّرُونَ) : أي : لقوم همتهم الفكر والنظر في الآيات ، ولقوم همتهم التفهم والاعتبار فيها ، لا لقوم همتهم العناد ، والمكابرة ، والإعراض عن النظر في الآيات والفكر فيها.
وفي ذكر الآية للمتفكرين ، والعاقلين ، والمتذكرين : لما منفعة الآية تكون لهؤلاء ، وإن كانت الآيات لهم ولغيرهم ، فمنفعتها لمن ذكر. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا).
وتسخيره إياه لنا : هو ما بذل للخلق ما فيه من أنواع الأموال التي خلق الله فيه : من الحلى والجوهر واللؤلؤ ، وبذل ما فيه من الدوابّ : السمك وغيره ، فلولا تسخير الله إياه للخلق ؛ وتعليمه إياهم الحيل التي بها يوصل إلى ما فيه من الأموال النفيسة ؛ وإلا ما قدروا على استخراج ما فيه والوصول إليه ؛ لشدة أهواله وأفزاعه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا).
يحتمل السمك خاصة. ويحتمل السمك وما فيه من الدوابّ ؛ من نوع ما لو كان بريّا أكل ؛ من نحو الجواميس وغيرها.
وقوله تعالى : (وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها).
يحتمل الحلية : اللؤلؤ والمرجان ؛ الذي ذكر في آية أخرى ؛ حيث قال : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) [الرحمن : ٢٢].
ثم يحتمل قوله : (حِلْيَةً) : أي : ما يتخذ منه حلية. وهذا جائز ؛ أن يسمّى الشيء باسم ما يتخذ منه ؛ وباسم ما يصير به في المتعقب. أو يسمى حلية ؛ لأنه زينة.