بِغَيْرِ عِلْمٍ).
هذا يحتمل وجهين :
أحدهما : [أنه يحتمل :](١) أنهم يحملون أوزارهم كاملة ؛ يعني الذين قالوا للرسل : أساطير الأولين ، ومن أوزار الذين يقلدون رسلهم ، ووفدهم الذين بعثوا عن السؤال عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ فحملوا أوزار أنفسهم ؛ وأوزار [الرسل وأوزار](٢) الذين يقلدون الرسل ويقتدون بهم بغير علم ؛ لأنهم لم يعلموا أن أولئك يقتدون بالرسل فيضلون ، وهم وإن لم يعلموا فذلك عليهم ؛ لأنهم هم الذين سنوا ذلك ؛ وهو كما روي : «من سنّ سنّة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة» (٣) ويحتمل : ليحملوا أوزارهم ومن أوزار الذين طمعوا الإسلام ؛ إذا أسلموا سقط تلك الأوزار عنهم. وقوله : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ) : هم لم يفعلوا ما فعلوا ليحملوا أوزارهم ، ولكن معناه ـ والله أعلم ـ أي : ليصيروا حاملين (٤) لأوزارهم والذين أضلّوهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (بِغَيْرِ عِلْمٍ) يحتمل (بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي : بسفه.
(أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) أي : ساء ما يحملون.
وقوله : (بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي : لم يعلموا أن تصير أوزارهم عليهم ، أو لم يعلموا ما يلحق بهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ).
لم يزل كانت عادة الكفرة بالمكر برسل الله ؛ والكيد لهم ، وكذلك مكر كفار مكة برسول الله ، يذكر هذا ـ والله أعلم ـ لرسول الله ليصبره على أذاهم إياه ؛ كما صبر أولئك على مكر قومهم وترك مكافأتهم إياهم ؛ كقوله : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) [الأحقاف : ٣٥].
ثم مكرهم الذي ذكر كان يخرج على وجهين :
أحدهما : فيما جاءت به الرسل ؛ كانوا يتكلفون تلبيس ما جاءت به الرسل على قومهم.
والثاني : يرجع مكرهم إلى أنفس الرسل ؛ من الهم بقتلهم وإخراجهم من بين
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في أ.
(٣) أخرجه مسلم (٢ / ٧٠٥) كتاب الزكاة ، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة (٦٩ / ١٠١٧).
(٤) في أ : خاطين.