وقوله : (يُخْزِيهِمْ) : قال أهل التأويل (١) : يعذبهم ، وكأن الإخزاء هو الإذلال ، والإهانة ، والفضح ، يذلهم ، ويهينهم ، ويفضحهم في الآخرة ؛ مكان ما كان منهم من الاستكبار ، والتجبر على النبي وأصحابه ، وكذلك قوله : (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا) [التحريم : ٨] أي : لا يذلهم ، ولا يهينهم ؛ لتواضعه للمؤمنين ، وخفض جناحه لهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ) أي : تعادون أوليائى فيهم ، أو تعادونني فيهم.
وقوله : (أَيْنَ شُرَكائِيَ) ليس له بشركاء ؛ ولكن أضاف إلى نفسه : شركائي ؛ على زعمهم في الدنيا أنها شركاؤه ، وكذلك قوله : (فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ) [الصافات : ٩١] أي : إلى ما في زعمهم ؛ وتسميتهم إياها آلهة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ) أي : كنتم تخالفون فيهم وتعادون ؛ أي :
تخالفون المؤمنين في عبادتهم إياها ؛ لأنهم يقولون : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣] ، وهم شفعاؤنا عند الله ، ونحوه ، كانوا يخالفون المؤمنين ، وكانوا يشاقّون في ذلك ؛ إلا أنه أضاف ذلك إلى نفسه لأنهم أولياؤه ، وأنصار دين الله ، وأضاف إليه المخالفة والمشاقّة لأنهم خالفوا أمر الله.
وقوله : (قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ).
قال أهل التأويل : الذين أوتوا العلم الملائكة الكرام الكاتبون ، [لكن](٢) هم وغيرهم من المؤمنين محتمل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ) أي : الذل والهوان والافتضاح وكل سوء على الكافرين هكذا يقابل كل معاند ومكابر في حجج الله وبراهينه مكان استكبارهم وتجبرهم في الدنيا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ).
قال الحسن : تتوفاهم الملائكة من بين يدي الله يوم الحساب إلى النار.
وقال بعضهم (٣) : تتوفاهم الملائكة ـ وقت قبض أرواحهم ـ ظالمي أنفسهم بالشرك والكفر بالله.
__________________
(١) قاله البغوي (٣ / ٦٦).
(٢) سقط في أ.
(٣) قاله ابن جرير (٧ / ٥٧٨) ، والبغوي (٣ / ٦٦).