شبههم في غير [آي من القرآن](١) بالشجرة الخبيثة والكلمة الخبيثة ، وبالرماد وبالزبد والتراب ، ونحوه.
وإن كان على النعت والصفة فهو في الآخرة ، وهو ما ذكر : الذي يحشرون على وجوههم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى). أي : لأولياء الله المثل الأعلى ، وهم المؤمنون ، لا أن الله وصف المؤمنين بالحياة ، والنور ، والعدل ، وغير ذلك من الأسماء الحسنة ، وذلك لله في الحقيقة ، لكنه بفضله ومنه وصفهم وسماهم بذلك ، فأضيف إلى الله ؛ لما بفضله (٢) استوجبوا لا باستحقاق أنفسهم. وكذلك قوله : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) [الأعراف : ١٨٠] أضيف ذلك إليه ؛ لما بفضله يستوجبون تلك الأسماء التي سماهم. ويحتمل قوله : (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى) : أي : لأولياء الله المثل الأعلى ، كأنه قال : وللذين يؤمنون بالآخرة مثل الأعلى ، مقابل ما ذكر ؛ حيث قال : (لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) قال الحسن : العزيز بالغلبة منه في الأشياء كلها على ما أمره ، وكل شيء دونه ذليل ، الحكيم بالعدل منه في كل قضاء قضى وقد ذكرناه في غير موضع.
وقوله : (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) في هذا الموضع كأنه قال : وهو العزيز بنفسه لا بخلقه وأوليائه ؛ كما يكون لملوك الأرض ؛ يكون [عزهم بخدمهم وحشمهم](٣) ، فإذا ذهبوا أو عصوه [يصير](٤) مقهورا مغلوبا ، فأمّا الله ـ سبحانه وتعالى ـ فهو عزيز بذاته.
والحكيم : أي : إنشاؤه العصاة منهم على علم منه بذلك ، لم يخرج ذلك على غير الحكمة ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ).
دل قوله : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ) أنّ له أن يستأصلهم ويهلكهم بما كان منهم ؛ لكنه ـ بفضله ـ تركهم إلى المدة التي ضرب لهم ؛ لأنه لو لم يكن له ذلك لم يكن للوعيد الذي (٥) أوعد معنى.
وقال أبو زيد البلخى : إن الله بما أوعد من الوعيد ليس يوعد لمضرة نفسه ولا لنفع
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في أ : يفضله.
(٣) في ب : خدمهم بعزهم وحشمهم.
(٤) سقط في ب.
(٥) في أ : التي.