والجواهر دون العدد والجماعة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ) قال ابن عباس رضي الله عنه : يعني (١) استخراج اللبن من بين فرث ودم (٢) ، وذلك أن العلف إذا وقع في الكرش [طبخه الكرش](٣) فيجعل الفرث أسفله والدم أعلاه واللبن بين ذلك ، ثم يسلط الكبد عليهم فيجري الدم في العروق ، واللبن في الضرع ، ويبقي الفرث في الكرش كما هو.
وقال بعض الفلاسفة : إن العلف إذا وقع فيه يصير منه فرثا ، ثم يصير منه دما ، ثم يصير لبنا خالصا ، فهو كالنطفة التي وقعت في الرحم ، تصير علقة ، ثم تصير مضغة مأكولة ، فعلى ذلك اللبن [الذي](٤) ذكر والله أعلم.
ويحتمل ما قاله بعض الفلاسفة أن العلف يصير فرثا ، ثم دما ، ثم لبنا.
ويحتمل أن يكون مجرى اللبن بين ما ذكر من الفرث والدم ، فأى الوجهين كان ، كان فيه اللطف الذي ذكرنا (٥). ووجه ذكر هذا ـ والله أعلم ـ على الامتنان وكذلك ما ذكر من الثمرات والأعناب أنه بلطفه أخرج اللبن الصافي أصفى الأشياء وألطفها من بين أخبث الأشياء وأكدرها في رأي العين ، فمن قدر على حفظ هذا مما ذكر بلا حجاب يدرك أو حاجز يعرف لقادر على إنشاء الأشياء من لا شيء لأن الخلائق لو اجتمعوا على أن يدركوا السبب الذي به كان حفظ هذا من هذا وامتناعه عن الخلط بالخبيث ما أدركوا ذلك ، وكذلك ما يخرج من النخيل والكروم الثمرات الطيبة والأعناب الحلوة من غير أن يرى أثر ذلك فيها ، ومن غير أن يدركوا السبب الذي كان به الأعناب والثمرات ، دل أنه قادر على إنشاء الأشياء من لا شيء إذ هي خشبة يابسة ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً).
قال بعضهم (٦) : السكر ما يحرم منه ، والرزق الحسن : ما [يحل من ثمرها. وقال بعضهم (٧) : السكر : ما يتخذ من الشراب ، والرزق الحسن : ما](٨) يؤكل تمرا وزبيبا ،
__________________
(١) في ب : معنى.
(٢) أخرجه عبد الرزاق وابن أبي حاتم ، كما في الدر المنثور (٤ / ٢٢٨).
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في أ.
(٥) ينظر : اللباب (١٢ / ١٠٣ ، ١٠٤).
(٦) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير (٢١٦٩٤) و (٢١٧٠٥) ، وعبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وأبو داود في ناسخه وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وابن مردويه والحاكم وصححه عنه كما ، في الدر المنثور (٤ / ٢٢٨) ، وهو قول سعيد بن جبير وإبراهيم والشعبي وغيرهم.
(٧) قاله الشعبي أخرجه ابن جرير عنه (٢١٧٣٥) و (٢١٧٣٦) ، وعن مجاهد (٢١٧٣٧) و (٢١٧٣٨).
(٨) سقط في أ.