يقول ـ والله أعلم ـ : ولله علم ما غاب عن الخلق ما في هذه الأشياء الظاهرة والأجسام المرئية.
أو يقول : ولله ملك ما غاب عن أهل السموات والأرض (١) ، وملك ما لم يغب عنهم وظهر ؛ فيكون كقوله : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [آل عمران : ١٨٩] كأنه قال ـ والله أعلم ـ ولله العلم الذي غيب عن أهل السموات وأهل الأرض ، وهي الساعة : لم يطلع عليها غيره.
وقوله : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ).
قال بعضهم قوله : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ) أهون على الله وأيسر من لمح البصر ؛ [إذ ليس شيء أيسر وأهون على الإنسان من لمح البصر ؛ لأنه يلمح البصر](٢)(أَوْ هُوَ أَقْرَبُ).
[أي :](٣) بل هو أقرب ، أي : أيسر من لمح البصر.
وقال الحسن : إعادة الخلق على الله أيسر وأهون من لمح البصر ؛ لأنه يلمح بصره فيبصر به ـ بلحظة ـ ما بين الأرض إلى السماء ، وهو مسيرة خمسمائة عام. يقول : من قدر أن ينشئ في خلق من خلائقه ما يبصره بلمحة البصر مسيرة خمسمائة عام ـ لقادر على إعادة الخلق وبعثهم بعد الفناء ، بل هو أقرب أي : إعادته إياهم أسرع وأقرب من لمح البصر ، إلى هذا يذهب الحسن.
وقال بعضهم : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ) أي : ما وقت قيام الساعة إلا لمح البصر ، أي : ليس بين وقت قيامها وبين كونها إلا لمح البصر ، بل هو أقرب من لمح البصر ، لكنه مثل لمح البصر لما ليس شيء عند الناس أسرع وأهون من لمح البصر ، ولما ذكرنا أنه يلمح [البصر](٤) ولا يشعر به لسرعته ولخفته عليه ؛ فذكر هذا على التمثيل ، ليس على إرادة حقيقة الوقت بقدر لمح البصر ، ولكن على المبالغة في السرعة ، وذكر أقصى ما يقع في الأوهام ويتصور ؛ من نحو ما قال : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [الزلزلة : ٧ ، ٨] ، وما قال : (ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) [فاطر : ١٣] ، (وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) [الإسراء : ٧١] ، (وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) [النساء : ١٢٤] ، وأمثاله كله يذكر على التمثيل ليس على التحقيق ، أي : فمن (٥) يعمل من قليل وكثير يره ،
__________________
(١) في ب : وأهل الأرض.
(٢) سقط في ب.
(٣) سقط في ب.
(٤) سقط في ب.
(٥) في ب : ما.