ما لو لا تعليمه إياكم ما تقدرون على بناء البيوت فيها ؛ يذكر مننه عليهم ، والله أعلم.
وفي هذه الآيات في قوله : (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً). ونحوه : دلالة نقض قول المعتزلة (١) ؛ لأنه ذكر أنه جعل بيوتا سكنا ، والسكن فعل العباد ؛ دلّ أنّ لله في فعلهم صنعا.
(وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً) ، قال أهل التأويل : (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً) ، أي : من صوفها ، لكنه أضافها إلى الجلود ؛ لما من الجلود يخرج ، ومنها يجزّ ويؤخذ ، وهو ما ذكر.
(وَمِنْ أَصْوافِها) : وهو صوف الغنم.
(وَأَوْبارِها) : وهو صوف الإبل.
(وَأَشْعارِها) : ما يخرج من المعز.
(يَوْمَ ظَعْنِكُمْ) : قيل (٢) : ليوم سفركم وسيركم.
(وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ) : قال بعضهم : في المصر. وقال بعضهم : في السفر حين النزول.
والجعل في هذا يحتمل الوجهين اللذين ذكرنا في قوله : (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً) : أحدهما : على التسخير لهم ، والثاني : على التعليم.
ذكر ـ عزوجل ـ في البيوت المتخذة من المدر (٣) السكنى ؛ حيث قال : (مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً) ، ولم يذكر في البيوت المتخذة من الجلود والأوبار والأشعار ؛ فكأنه ترك ذكره في هذه ، الذكر في الأول ذكر تصريح ، وذكر في الثاني ذكر دلالة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَثاثاً) قيل (٤) : الأثاث والرياش : واحد ، وهو المال.
وقيل (٥) : ما يتخذ من الثياب والأمتعة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمَتاعاً إِلى حِينٍ).
[يحتمل إلى حين](٦) إلى وقت بلى ذلك الأثاث ، أو إلى حين وقت فنائهم.
__________________
(١) زاد في ب : له.
(٢) قاله ابن جرير (٧ / ٦٢٦) ، والبغوي (٣ / ٧٨).
(٣) في ب : الوبر.
(٤) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٢١٨٢٠) ، وعن قتادة (٢١٨٢٣).
(٥) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير عنه (٢١٨٢١) و (٢١٨٢٢) ، وعن حميد بن عبد الرحمن (٢١٨٢٤).
(٦) سقط في أ.