[النساء : ٤١] ، وكقوله : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) [البقرة : ١٤٣] وقال : (وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ) [النحل : ٨٩].
أخبر أنه يجيء بمحمد صلىاللهعليهوسلم شهيدا على أولئك : أن الرسل قد بلغوا الرسالة إليهم ، وهو ما ذكر : (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) [الأعراف : ٦] ، وقوله : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ ...) الآية [المائدة : ١٠٩] ، وقوله : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ) [القصص : ٦٥] : يسأل الرسل عن تبليغ الرسالة إلى قومهم ، ويسأل قومهم عما أجابوا الرسل. إلى هذا يذهب بعض أهل التأويل ، والله أعلم.
جميع ما ذكر في القرآن من مجيئه وإنبائه ونحوه جائز أن يكون ذلك البعث تفسير ذلك كله.
قوله : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ) : كذا من ذلك ، وقوله : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ) [الفجر : ٢٢] ، و (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ) [البقرة : ٢١٠] ، وقوله : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ) [النساء : ٤١] فهو البعث ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا).
قال الحسن (١) : لا يؤذن لهم بالاعتذار ؛ لأنه لا عذر لهم ، وهو ما قال : (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ. وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) [المرسلات : ٣٥ ، ٣٦] ؛ لأنه لا عذر لهم ، واعتذارهم لا ينفع لهم شيئا ؛ إذ اعتذارهم من نحو قولهم : (رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا) [الأعراف : ٣٨] ، وقولهم : (لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) [سبأ : ٣١] ونحو هذا مما لا ينفعهم ذلك ؛ فلا يؤذن لهم لذلك.
(وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ).
قال الحسن : ولا هم يقالون ، وكذلك قال في قوله : (وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ) ، أي : من المقالين ، أي : لا يقالون مما كان منهم.
وقال بعضهم : لا يؤذن لهم ولا يمكن لهم من التوبة والرجوع عما كانوا ؛ لأن ذلك الوقت ليس هو وقت التوبة والرجوع ، كقوله : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ) [غافر : ٨٤] ، وهذه الآية ، وقال : (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ) [غافر : ٨٥] ، ونحوه. (وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) العتاب في الخلق : هو تذكير ما كان من الفرط ؛ ليرجع عما كان منه ، وذلك في الآخرة لا يحتمل.
__________________
(١) قاله ابن جرير (٧ / ٦٣٠) ، ولم ينسبه لأحد.