أبي عوسجة أيضا. وقال القتبي (١) : (دَخَلاً بَيْنَكُمْ) ، أي : خيانة ودغلا بينكم.
(أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ).
أي : فريق.
(أَرْبى).
من فريق.
وقال أبو عوسجة : (أَنْكاثاً) : هي جمع «نكث» ، والنكث ـ من الحبل ـ خيوط تنكث ثم تطرق وتصير صوفا ، ثم من بعد ذلك تفتل. قال : والمطرق : قضيب يضرب (٢) به الصوف حتى ينفش ويلين كما يندف القطن ، يقال : طرقت الصوف ـ أطرقه طرقا ـ أي : ضربته ، ويقال : نفشته ـ أنفشه نفشا ـ أي : فرقت بينه فتفرق ، ومنه قوله : (كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) [القارعة : ٥]. ويقال : حبل مثنى : إذا كان طاقين ، ومثلوث ، ومربوع ، ومخموس ومسدوس [ومسبوع](٣) ومثمون ومتسوع ، ومعشور.
وقال القتبي (٤) : الأنكاث : ما نقض من غزل الشعر وغيره ، واحدها : نكث.
يقول : لا تؤكدوا على أنفسكم الأيمان والعهود ثم تنقضوا ذلك وتحنثوا ؛ فتكونوا كامرأة غزلت ونسجت ثم نقضت ذلك فجعلته أنكاثا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً).
قال الحسن : (وَلَوْ شاءَ اللهُ) المشيئة ـ هاهنا ـ مشيئة القهر (٥) والقسر ، أي : لو شاء لجبرهم وقهرهم على الإيمان فآمنوا جميعا. فهذا فاسد ؛ لأنه لا يكون بالقهر والجبر إيمان ؛ لأنه لا صنع للعبد في حال القهر والجبر ؛ فيبطل تأويله ؛ إذ لا يجوز أن يثبت إيمان في تلك الحال.
وقال أبو بكر : تأويله قوله : لو شاء لأنزل لهم آية حتى يؤمنوا جميعا بتلك الآية ، كقوله : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) [الشعراء : ٤] : أخبر أنه لو أنزل آية [يكونون](٦) لها خاضعين ، لكن عندنا أنهم ليسوا يؤمنون ويخضعون للآية ، ولكن بما شاء لهم ذلك ، ولا يحتمل أن تحملهم الآية على الإيمان ، شاءوا أو أبوا ؛ ألا
__________________
(١) ينظر : تفسير غريب القرآن (٢٤٨) ، وقاله أيضا قتادة ، أخرجه ابن جرير عنه (٢١٨٩٠).
(٢) في ب : يطرق.
(٣) سقط في أ.
(٤) ينظر تفسير غريب القرآن (٢٤٨) ، ينظر اللباب (١٢ / ١٤٩).
(٥) في ب : الجبر.
(٦) سقط في ب.