وقوله ـ عزوجل ـ : (اجْتَباهُ).
قال بعضهم : لرسالته ونبوته ، واجتباه من بين ذلك القوم وجعله إماما يقتدى به.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
وهو دين الإسلام ، وهو ما ذكر : (قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً ...) الآية [الأنعام : ١٦١].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً).
قال بعضهم (١) : الثناء الحسن ، وقال بعضهم (٢) : الحسنة في الدنيا ؛ لأن جميع أهل الأديان يتولّونه ويرضونه.
ويحتمل أن يكون قوله : (وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) ، أي : ما آتاه الله ـ لم يؤته إلا حسنة ؛ على ما ذكر في قوله : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) [البقرة : ٢٠١] ـ أي : ما آتيتناه في الدنيا ، آتنا كلها حسنة ؛ لأن قوله : (حَسَنَةً) إنما هي اسم حسنة واحدة أو أن يكون (وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) عند قبض روحه ، أي : على الحسنة قبض روحه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ).
أي : لم ينقص ما آتاه في الدنيا عما يؤتيه في الآخرة ، وقال بعضهم في قوله (٣) : (وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) : النبوة والرسالة ، أو أن يقال : إنّه لم يبين الحسنة التي أخبر أنه آتاها إياه ؛ لكنه خصّ به كما هو خص في قوله : اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم (٤). قد كان من إبراهيم معنى ؛ حتى خص الله إبراهيم به من بين غيره ؛ فذلك الأوّل ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً).
أي : دين إبراهيم وسبيله ، وذكر في بعض الأخبار عن نبي الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال جبريل ـ عليهالسلام ـ إلى إبراهيم ـ صلوات الله على نبينا وعليه ـ يوم التروية ، فراح به إلى منى فعلمه المناسك كلها ، وأراه أباه ، فأوحى الله إلى محمد صلىاللهعليهوسلم : (أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(٥) ؛ فنحن أمرنا أن نتبع ملّته في الحج وفي غيره.
__________________
(١) قاله البغوي (٣ / ٨٩).
(٢) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير (٢١٩٨٧) ، وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه كما في الدر المنثور (٤ / ٢٥٣).
(٣) قاله البغوي (٣ / ٨٩).
(٤) قاله مقاتل بن حيان بنحوه ، كما في تفسير البغوي (٣ / ٨٩).
(٥) أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في المصنف ، وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن ابن عمرو بنحوه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٢٥٤).