على ما يكون لأهل الدنيا في الدنيا من الخوف والحزن ، إنما خوفهم وحزنهم لعاقبتهم ، ويشبه ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون في الجنة ، وهكذا يكون إذا دخلوا الجنة يأمنون عن جميع ما ينقصهم (١).
وقال بعضهم : (أَوْلِياءَ اللهِ) هم أهل التوحيد ، لكن تلك البشارة وذلك الوعد لأهل التوحيد في الاعتقاد والوفاء جميعا ، لا لأهل الاعتقاد خاصة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) قال بعضهم : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) الرؤيا الصالحة ؛ وعلى ذلك رويت الأخبار عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه سئل عن هذه الآية ففسر بالرؤيا الصالحة ، فإن ثبت فهو الحق (٢).
وقال بعضهم : لا تحتمل الرؤيا الصالحة [؛ لأنه نسق البشرى في الآخرة على البشرى في الحياة الدنيا ، ولا شك أنه لا يكون في الآخرة الرؤيا الصالحة ،](٣) ولكن إن ثبت ما ذكرنا من (٤) الخبر ؛ فهو ذلك.
ويشبه أن يكون البشارة التي ذكر هاهنا ؛ نحو قوله : (فَبَشِّرْ عِبادِ. الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ ...) الآية [الزمر : ١٧ ، ١٨] ، وقوله : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) [يونس : ٢] ، وقوله : (ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) [الشورى : ٢٣] ، وأمثال ذلك.
وقال بعض أهل التأويل : لهم البشرى في الحياة الدنيا تبشرهم الملائكة عند الموت وفي الآخرة الجنة (٥). والله أعلم.
__________________
(١) في أ : ينفعهم.
(٢) أخرجه ابن جرير (٦ / ٥٧٧ ـ ٥٨٠) عن كل من :
أبي الدرداء (١٧٧٣٢ و ١٧٧٣٨ و ١٧٧٣٩ و ١٧٧٤٨ و ١٧٧٥٠ و ١٧٧٥١ و ١٧٧٥٢ و ١٧٧٥٣) ، وعبادة بن الصامت (١٧٧٣٣ و ١٧٧٣٤ و ١٧٧٣٥ و ١٧٧٣٦ و ١٧٧٣٧ و ١٧٧٤٠ و ١٧٧٤٥ و ١٧٧٤٦ و ١٧٧٥٤ و ١٧٧٥٥ و ١٧٧٥٦ و ١٧٧٥٨ و ١٧٧٧١) ، وأبي هريرة (١٧٧٤١ و ١٧٧٤٢ و ١٧٧٤٣).
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٥٥٩) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه ، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي الدرداء مرفوعا.
وللطيالسي وأحمد والدارمي والترمذي وابن ماجه والهيثم بن كليب الشامي والحكيم الترمذي وابن المنذر والطبراني وأبي الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن عبادة بن الصامت مرفوعا.
(٣) ما بين المعقوفين سقط في ب.
(٤) في أ : في.
(٥) أخرجه ابن جرير (٦ / ٥٨١) (١٧٧٧٢) عن قتادة ، (١٧٧٧٣) عن الضحاك.
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٥٦٢) وعزاه لعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الزهري وقتادة.