والشرف (١) ، أي : الملك الذي كان لفرعون والسلطان يكون لكما [باتباع الناس لكما ؛ لأن كل متبوع مطاع معظم مشرف ويحتمل (وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ) أي : الألوهية التي كان يدعى فرعون لنفسه لكما](٢) لأن عندهم أن كل من أطيع واتبع فقد عبد ونصب إلها.
(وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ) أي : بمصدقين فيما تدعوننا إليه أو ما تدعون من الرسالة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ) هذا من فرعون ينقض ما ادعى من الألوهية ؛ حيث أظهر الحاجة إلى غيره ولا يجوز أن يكون المحتاج إلها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ. فَلَمَّا أَلْقَوْا قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ) أي : سيبطل عمل السحر الذي قصدوا به ، أي : يجعله مغلوبا ؛ كقوله : (وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ) أي : لا يغلب الساحرون ولا يظفرون بالحاجة.
(إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) أي : لا يصلح ما أفسدوا من أعمالهم فيجعلهم صالحين.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) : هو ما ذكرنا ، أي : لا يجعلهم بأعمالهم الفاسدة صالحين ، أو لا يجعل أعمالهم الفاسدة صالحة.
وقال بعضهم : (لا يُصْلِحُ) أي : لا يرضي بعمل المفسدين.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) : ذكر أن يحق الحق والحق حق وإن لم يحق الحق ، وكذلك ذكر في الباطل ليبطل الباطل والباطل باطل وإن لم يبطل ، ولكن يحتمل قوله : (وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَ) ويبطل الباطل ، أي : ليجعل الحق في الابتداء حقا فيصير حقا ، ويجعل الباطل في الابتداء باطلا ، فيكون باطلا أي : بإبطاله الباطل يكون باطلا وبتحقيقه الحق [يكون حقّا وهو ما يقال : هداه فاهتدى ، وأضله فضل ، أي : بهدايته اهتدى وبضلاله ضل ؛ فعلى ذلك بإبطاله الباطل بطل وبتحقيقه الحق حق](٣) ، والله أعلم.
وقوله : (بِكَلِماتِهِ) يحتمل وجوها :
__________________
(١) أخرجه بمثله ابن جرير (٦ / ٥٨٩) (١٧٧٨١ و ١٧٧٨٢ و ١٧٧٨٣ و ١٧٧٨٥ و ١٧٧٨٦ و ١٧٧٨٧ و ١٧٧٨٨) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٥٦٤) وعزاه لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن مجاهد.
(٢) ما بين المعقوفين سقط في أ.
(٣) ما بين المعقوفين سقط في أ.