وقال بعضهم : جنده.
وقال بعضهم (١) : حزبه : ولاته الذين يتولاهم ويتولونه ؛ وكله واحد.
ثم يقول : (إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ) لكنه خصّ حزبه بالدعاء لهم ؛ لما أن حزبه هم المجيبون له والمطيعون ، فأما غير حزبه فلا يجيبونه ؛ وهو كقوله : (إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) [يس : ١١] ، وكان ينذر من اتبع الذكر ومن لم يتبع الذكر ، لكن خص بإنذار من اتبع الذكر ؛ لما أن متبع الذكر هو المنتفع به دون من لم يتبع ؛ لذلك خص ـ والله أعلم ـ فعلى ذلك ما خصّ بدعائه حزبه ؛ لأن حزبه هم المجيبون له والمطيعون.
وقوله : (لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ).
قصد بدعائه إلى ما يدعوهم ، ليكونوا من أصحاب السعير ، وإلا لو كان أظهر لهم الدعاء إلى أصحاب السعير ما أجابوه ولا أطاعوه ، ولكن دعاهم إلى أعمال توجب لهم السعير ، أو ليكون لهم عذاب السعير.
وقوله : (الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) : وهو ظاهر.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ).
قوله : (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) لما عملوا من غير الصالحات بعد إيمانهم ، أو مغفرة لذنوبهم في الإيمان ، (وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) لإيمانهم وأعمالهم الصالحات.
وقوله : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً).
ليس لهذا الحرف في ذا الموضع جواب ، فجائز أن يكون جوابه في قوله : (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ) على التقديم له ، كأنه يقول ـ والله أعلم ـ : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً) ، (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ) ، فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء.
أو أن يكون قوله : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) فلزمه كمن قبح له ؛ فانتهى عنه ، ليسا بسواء ، كقوله : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ) [الأنعام : ١٢٢] ذكر أن قوله : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) نزل في عمر بن الخطاب (٢) ، وقوله : (كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ) في أبي جهل ؛ فعلى ذلك الأول ، وأن يكون ما ذكر بدءا على التقديم والتأخير.
وقوله : (فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) : من الضلالة إلى الهدى ، يضل من
__________________
(١) قاله ابن زيد أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم عنه كما في الدر المنثور (٥ / ٤٦٠).
(٢) قاله ابن عباس أخرجه أبو الشيخ وابن مردويه عنه كما في الدر المنثور (٥ / ٨١) وهو قول الضحاك وزيد بن أسلم وأبي سنان.