بَعْضُكُمْ بَعْضاً) [العنكبوت : ٢٥] ، والله أعلم.
وقوله : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) سمى الله ـ تعالى ـ ذلك اليوم : يوم الجمع بقوله : (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ) [التغابن : ٩] وسمي : يوم الافتراق ، فهو يوم الجمع في أوّل ما يبعثون ويحشرون ، ثم يفرق بينهم تفريقا لا اجتماع بينهم أبدا ؛ كقوله : (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) [الشورى : ٧] فهو يوم الجمع في حال ووقت ، ويوم الافتراق في حال ووقت آخر ، وبعض أهل التأويل يقولون : قوله : (يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) العابد والمعبود ، والتابع والمتبوع ، بعد ما كانوا مجتمعين في الدنيا ، وهو ما ذكر في آية أخرى : (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ ...) الآية [العنكبوت : ٢٥] ؛ فهذا تفرقهم على قول بعضهم ، والوجه فيه ما ذكرنا بدءا ، والله أعلم.
وقوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : آمنوا بكل ما أمروا أن يؤمنوا به ، وعملوا بكل ما أمروا أن يعملوا (فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ) والروضة كأنها اسم من أسماء الجنان.
وقوله : (يُحْبَرُونَ).
قال بعضهم (١) : يكرمون.
وقال بعضهم : يحبرون : يسرون ، والحبرة : السرور ، ومنه يقال : «كل حبرة يتبعها عبرة».
والزجاج يقول (٢) : يحبرون : يتنعمون ، والحبرة : النعمة الحسنة ، والله أعلم بذلك.
وقوله : (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) أي : جحدوا توحيد الله وأنكروه (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) يحتمل : (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) : آيات التوحيد ، وآيات الرسالة ، وآيات البعث (فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ) أي : يحضر الأتباع والمتبوع جميعا في النار ويجمع بينهم ، كقوله : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا ...) الآية [الصافات : ٢٢] ، وقوله : (فَبِئْسَ الْقَرِينُ) [الزخرف : ٣٨] و (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) [الزخرف : ٣٩].
قوله تعالى : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (١٨) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ (١٩) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (٢٠) وَمِنْ
__________________
(١) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير (٢٧٩١٢) ، وابن المنذر ، كما في الدر المنثور (٥ / ٢٩٤).
(٢) أخرجه ابن جرير (٢٧٩١٣) ، والفريابي وابن أبي شيبة ، وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ، كما في الدر المنثور (٥ / ٢٩٤) ، وهو قول قتادة. وينظر : معاني القرآن وإعرابه (٤ / ١٨٠).