البحث
البحث في تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي
والظفر من ذلك الوجه ، وذلك بفضل الله ونصره ، على ما أخبر عنهم : (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً ...) الآية [التوبة : ٢٥].
والثالث : ألا يؤيسهم خروج أنفسهم من أيديهم ، وإحاطة العدو بهم ، وكونهم في أيديهم من روح الله ورحمته وغوثه إياهم ؛ لأن الخوف قد بلغ بهم المبلغ الذي ذكر ؛ حيث قال : (وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ ...) إلى قوله : (وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً).
وفيه دلالة إثبات الرسالة لرسول الله ؛ لأنه وعد لهم النصر ، فكان على ما وعد ؛ ليعرفوا [صدقه] في كل ما يخبر ويعد.
(وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) ، أراد : من فتح ، أو نصر ، أو غيره ، (قَدِيرٌ أَ).
وقال القتبي (١) وأبو عوسجة : (قَضى نَحْبَهُ) ، أي : قتل ، وقضى أجله ، وأصل النحب : النذر ؛ كأن قوما نذروا : إن لقوا العدو أن يقاتلوا حتى يقتلوا أو يفتح الله ، فقتلوا.
وقوله : (مِنْ صَياصِيهِمْ) : حصونهم ، وأصل الصياصي : قرون البقر ؛ لأنها تمتنع بها ، وتدفع عن أنفسها ، فقيل للحصون : صياصي ؛ لأنها تمنع ، والواحدة : صيصية ، وصيصية الديك : عرفه ، والصيصية : خف صغير يحوك به الحائك ، ويجمع هذا كله : صياصي. والأحزاب : الفرق ، واحدها : حزب ، ويقال : حزبت القوم ، أي : جمعتهم ، وحزبتهم ، أي : فرقتهم ، وتحزب القوم : إذا اجتمعوا وصاروا حزبا حزبا ، وتقول : هؤلاء حزبي ، أي : أصحابي وشيعتي ، وتقول : حازبني محازبة ، أي : صاحبني مصاحبة.
وقوله : (بادُونَ فِي الْأَعْرابِ) ، أي : أن يكونوا في البادية مع الأعراب ، رجل باد : قد نزل البادية ، (يَوَدُّوا) [الأحزاب : ٢٠] أن يكونوا في البادية مع الأعراب.
وقال بعضهم في قوله : (وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها) : هو ما يظهر عليه المسلمون إلى يوم القيامة.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (٢٩) يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (٣٠) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً (٣١) يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ
__________________
(١) ينظر : تفسير غريب القرآن ص (٣٤٩).