يصوم عن كل مد يوما ؛ لأن المقصود بالجزاء أنه عن الصيد لا عن مثله ، وهذا هو قول الناصر ، أنه يقوّم الصيد ، لكن له قولان في تقدير الصوم والإطعام ، هل يجعل لكل مسكين مد ، أو مدان.
وقالت القاسمية : المماثلة في الخلقة كما تقدم ، فإذا عدل إلى الإطعام ، فعدل البدنة طعام مائة مسكين ، أو صوم مائة يوم ، والبقرة بالسبعين ، والشاة بالعشر ، ووجهوا ذلك إلى أن قالوا : قد ثبت في صوم التمتع أن يصوم عشرة أيام بدل للشاة ، وثبت في كفارة الظهار أن إطعام المسكين وصوم اليوم يتعادلان ، وثبت أن الشاة عشر البدنة في هدي التمتع والإحصار ، فثبت بمجموع الظواهر ما قالوه ، ويتعلق بهذه الجملة أحكام غير ما فرغنا منه :
الأول : هل هذا الجزاء المذكور على التخيير أو على الترتيب؟ فمذهب عامة الأئمة وجمهور الفقهاء من أبي حنيفة ، والشافعي ، وغيرهما : أن ذلك على التخيير ؛ لأنه تعالى جاء بلفظة أو ، وحقيقتها التخيير.
وقال ابن عباس في رواية ، وابن سيرين ، وزفر ، ومجاهد ، وعامر ، والسدي : إنهما على الترتيب.
قالوا : وإنما دخلت أو لبيان أن الجزاء لا يعدو أحد هذه الأشياء ، ولأنا وجدنا الكفارات من الظهار والقتل على الترتيب.
قلنا : هذا معارض بكفارة اليمين ، وفدية الأذى ، فلا يخرج عن حقيقة اللفظ وهو التخيير.
وإذا قلنا بثبوت التخير ، فهل ذلك التخيير إلى القاتل للصيد أو إلى الحكمين؟