وقال صاحباه والشافعي : لا يحرم المتقدم.
وحكى في النهاية : أن منهم من اشترط ذلك في الكلب دون غيره ، ومنهم من قال : أما جوارح الطير فلا تحرم وإن أكلت ؛ لأن تضريها بالأكل.
حجتنا حديث سلمان الفارسي أنه سأل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن ذلك فقال : «كل وإن لم تدرك إلا نصفه» وحديث أبي ثعلبة الخشني عنه ـ عليهالسلام ـ : «إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله فكل وإن كان أكل منه».
حجتهم : حديث عدي بن حاتم أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال له : «وإن أكل الكلب فلا تأكل فإني أخاف أن يكون أمسك على نفسه».
قال في النهاية : هذا حديث متفق عليه ، وحديث أبي ثعلبة مختلف فيه ، ولهذا لم يخرجه البخاري ، ومسلم.
وروي عن مالك الفصل بين الكلب وغيره ، قال : ومن جمع بين الحديثين قال : حديث عدي محمول على الندب ، وحديث أبي ثعلبة على الجواز.
وقوله تعالى : (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) هذا أحد الأمرين اللذين أجازتهما الآية ، واختلفوا إلى أين يعود الاستثناء فقيل : يعود إلى جميع ما تقدم من المنخنقة ، والموقوذة والمتردية ، والنطيحة ، وما أكل السبع ، وهذا مروي عن علي عليهالسلام ـ وابن عباس ، والحسن وقتادة ، والثاني يعود إلى ما أكل السبع خاصة ، وسئل الحسن عن ذلك؟ فقال : إذا أدركت ذكاته فذكه ، فقيل : فكيف يعرف ذلك؟ فقال : إذا طرفت بعينها ، أو ضربت بذنبها ، أو رجلها. وعن أمير المؤمنين نحوه.
وقيل : الاستثناء منقطع وكأنه قال : لكن ما ذكيتم ، فإذا جعلناه متصلا ، وذكى الموقوذة ونحوها حلت ، وذلك حيث يدركها حية ، وهذا هو المذهب ، وإن جعلناه منقطعا ثم تحل ، ذكر ذلك في النهاية ، وذكر خلافا بينهم فيما أدرك من المنخنقة ، والموقوذة ، والنطيحة ، وما أكل