وروي أن صهيل الخيل ترهب الجن ، وقد قال الشيخ أبو جعفر : يكره خصى الخيل ؛ لأنه يذهب صهيلها الذي يحصل به الإرهاب.
الحكم الثاني : الحث على النفقة في الجهاد ؛ لأنه ذكرها عقيب ذكر الجهاد ، فكان في ذلك تخصيص له وإن كان اللفظ عاما ، وهو قوله تعالى : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ).
الحكم الثالث : جواز مصالحة الكفار ، لقوله تعالى : (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها) لكن يقال : كيف التوفيق بين هذه الآية وبين قوله تعالى في سورة براءة : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) وقوله تعالى في سورة التوبة أيضا : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) وبين قوله تعالى في سورة محمد : (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ)(١)؟ قلنا : في هذا وجوه :
الأول : أن هذه الآية منسوخة.
قال ابن عباس : نسخها قوله تعالى : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ).
وقال مجاهد : نسخها قوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ).
الثاني : أن هذه الآية في بني قريظة خاصة ، وقد حكي هذا عن ابن عباس.
الثالث : أن هذه الآية في أهل الكتاب ، والأمر بالقتال للمشركين ، وردّ بأنّ الشرك اسم للجميع.
الرابع : أنه لا نسخ ، وأن الحكم موكول إلى ما يراه الإمام صلاحا ، وصححه الزمخشري وغيره ، قال : وليس بحتم أن يقاتلوا أبدا ، ولا أن
__________________
(١) لقوله تعالى : (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) ولأنه نهاهم عن الدعاء إلى السلم ، وفي تلك أمر بإجابة المشركين إلى السلم ، وبينهما بون بعيد ، والله أعلم. (ح / ص).