وأما ذكر المصارف فقد قلنا : ظاهر اللفظ يقضى بالقسمة بين الثمانية الأصناف ويؤيد هذا وجهان :
الأول : ما يقتضيه اللفظ اللغوي أن الواو للجمع والاشتراك.
والثاني : ما رواه أبو داود في سننه أن رجلا جاء إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : أعطني من الصدقات؟ فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو ، فجزأها ثمانية أجزاء ، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيك حقك» وقد ذهب إلى هذا الشافعي وعكرمة ، والزهري ، إلا أن يستغني أحدها دفع إلى الآخرين ، بلا خلاف.
وذهب طوائف إلى جواز الصرف في صنف واحد :
طائفة من الصحابة وهم : عمر ، وابن عباس ، وحذيفة.
وطائفة من التابعين وهم : عطاء ، وإبراهيم ، وسعيد بن جبير ، والحسن.
وطائفة من الأئمة : قال في الشفاء : الهادي ، والقاسم ، وأسباطهما ، وزيد ، والمؤيد بالله.
قال : وهو قول القاسمية والناصرية جميعا.
وطائفة من الفقهاء وهم : أبو حنيفة وأصحابه ، ومالك.
قال في التهذيب : وادعى فيه مالك الإجماع ، وخرجوا عن ظاهر دلالة الآية المذكورة والخبر بوجوه :
الأول : أن الله تعالى قال في سورة البقرة : (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) فدلت على أنه تعالى ذكر العدد لبيان جنس من يستحقها.
الثاني : الخبر وهو قوله عليهالسلام لمعاذ : «أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم».