فقال الأولون : الباء في اللغة لإلصاق الفعل بالمفعول فيجب التعميم ، وقد ترد زائدة.
وقال الآخرون : هي هنا للتبعيض كما تقول : مسحت يدي بالمنديل ، ومسحت برأس اليتيم.
قلنا : التبعيض عرفا ، بدليل أن التبعيض يبقى مع حذف الباء ، وبدليل أنه لو قال : أخذت بجميع زمام الناقة أن يكون مناقضا.
قالوا : إذا احتملت عمل بالمتيقن (١).
قلنا : إذا جعلناها زائدة فلا احتمال (٢).
قالوا : في الحديث الذي خرجه مسلم من رواية المغيرة أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم مسح على ناصيته.
قلنا : في الحديث أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم مسح بجميع رأسه وقال : «هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به».
وفي حديث علي عليهالسلام ـ أنه علم الناس وضوء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فمسح رأسه مقبلا ومدبرا.
وفي حديث طلحة بن مصرّف عن أبيه عن جده قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مسح مقدم رأسه حتى بلغ القذال من مقدم عنقه.
قالوا : هذا جمع بين الواجب والمسنون ؛ لذلك اقتصر على الناصية.
وتأويل هذا الحديث : بما لا يفيده الظاهر مردود لعدم الدلالة على التأويل ، والشافعي أخذ بالمتيقن فلم يحد الممسوح بحد ، ولا حد في الماسح بحد.
__________________
(١) المتيقن : هو البعض.
(٢) وجوابه أن الزيادة خلاف اصل. والله أعلم (ح / ص).