الأمر الثالث : ما ورد عن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قال جار الله : وعن عائشة رضي الله عنها «لأن تقطعا أحب إلي من أن أمسح على القدمين بغير خفين» (١).
وعن عطاء : والله ما علمت أن أحدا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مسح على القدمين ، فلما ترجحت دلالة النصب على الغسل وجب تأويل ما أفادته قراءة الجر من المسح.
فقالوا : تحمل قراءة الجر على أنه جر بالمجاورة ، كقول العرب ، جحر ضب خرب ، فجر خرب لمجاورته المجرور ، وإلا فهو صفة لجحر ، وهو مرفوع ، وكقول الشاعر وهو امرؤ القيس :
كأن ثبيرا في عرانين وبله |
|
كبير أناس في بجاد مزمل |
فجر مزمل لمجاورته لبجاد وإلا فهو صفة لكبير وحقه الرفع.
قال في الشفاء : هذا فاسد ؛ لأن جماهير أهل اللغة قالوا : الجر بالمجاورة إنما يجوز لضرورة الشعر (٢) لا في كتاب الله تعالى ، وقد ورد في القراءة الشاذة وواعدناكم جانب الطور الأيمن العلى ونزلنا بجر (الأيمن) لمجاورة الطور.
التأويل الثاني : أنه عطف على اللفظ لا على المعنى ، وذلك موجود في كلام العرب ، قال الشاعر :
__________________
(١) الكشاف ١ / ٥٩٨.
(٢) يقال : غير مسلم ، بدلالة المثل ، ولكن يقال : هذا في الصفات ، وأما في غيرها فمن أين شاهده؟
قلت : شاهده في الخبر قول امرؤ القيس :
وإنك قسمت الفرار فنصفه قت |
|
يل ونصف في حديد مكبل |
فجر مكبل على الوصفية للحديد وهو خبر نصف.