وعليه يمكن ان يقال ان غاية ما يقتضيه الحكم العقلي المزبور إنما هو المنع عن حجية ظهور تلك الأوامر في الإطلاق بالنسبة إلى الحكم التكليفي ، واما بالنسبة إلى الحكم الوضعي وهو الجزئية المطلقة فهي باقية ولا مانع عنها فيؤخذ بظهورها في ذلك.
وفيه ، اولا : ان حكم العقل بقبح تكليف الناسي من قبيل الأحكام العقلية التي تكون بمثابة القرينة المحتفة بالكلام بحيث يمنع عن انعقاد الظهور في الإطلاق.
وثانيا : ان دلالة هذا الكلام على الجزئية إنما تكون بالالتزام ، وقد حقق في محله ان الدلالة الالتزامية تابعة للدلالة المطابقية وجودا وحجية ، فمع اختصاص المطلوب المطابقي بحال الذكر ، يكون المدلول الالتزامي أيضاً مختصا بتلك الحالة.
فالصحيح في الجواب ما ذكرناه : من ان هذه الأوامر إنما تكون ارشادا إلى جزئية متعلقاتها للمركب ، ودخلها في الملاكات والمصالح. وعليه ، فحال هذه الأدلة حال ما يكون بلسان الوضع بلا فرق بينهما أصلاً.
فالمتحصّل انه ان كان لدليل الجزء أو الشرط إطلاق كان لازمه فساد الفاقد له ولو في حال النسيان ، وقد خرج عن ذلك باب الصلاة. فإنه حيث لا تعاد الصلاة دل على اختصاص قيودها غير الخمسة المستثناة بحال الذكر ، فتصح مع فقدها نسيانا. وان لم يكن لدليل الجزء أو الشرط إطلاق ، فإن كان لدليل الواجب إطلاق فيؤخذ به ويحكم بصحة العمل الفاقد للمنسي والوجه فيه ظاهر. وان لم يكن له أيضاً إطلاق فتصل النوبة إلى البحث عن الأصول العملية.