الكلام حول جريان الاستصحاب في الأحكام الوضعية
المورد السادس : فيما ذهب إليه جماعة منهم الفاضل التوني (١) من التفصيل بين الأحكام الوضعية والتكليفية ، وعدم حجية الاستصحاب في الأحكام الوضعية ، وحجيته في الأحكام التكليفية.
فلا بد أولا من صرف عنان الكلام إلى تحقيق حال الوضع وانه حكم مستقل في الجعل اوامر انتزاعي ينتزع عما في موارده من الأحكام التكليفية.
وقبل الشروع في البحث لا بدَّ من التنبيه على امر ـ وهو ـ بيان الحكم الشرعي وحقيقته ، وملخص القول في ذلك ، ان الحكم بمعنى ، الثبوت ، والاستقرار ، والاستحكام ، ولذا ، يقال ان الله تعالى يحكم ما يشاء ، أي يثبت ما يشاء ، وقد يطلق الحكم على الأخبار ويقال فلان حكم بمجيء زيد من السفر ، والحكم الشرعي هو ما اثبته الشارع بما انه شارع.
وعليه فان قلنا ان الأحكام الوضعية كلها مجعولات شرعا ، اما بالاستقلال ، أو بالتبع ، يصح إطلاق الحكم على الحكم الوضعي ، وان قلنا ان بعضها غير قابل لذلك وان كان إثباته بيد الشارع لكن بما انه خالق لا بما انه شارع ، فلا يصح إطلاق الحكم الشرعي عليه بأي معنى فرض.
وبذلك يظهر أمور :
__________________
(١) الوافية في الأصول ص ٢٠٢ الناشر مجمع الفكر الإسلامي ـ قم.