فالمتحصّل تمامية الإيراد الرابع على جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية ، وهو انه اما ان يكون محكوما لاصالة عدما لجعل ، أو معارض معها.
فالأظهر عدم جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية.
بقي في المقام أمران لا بدَّ من التنبيه عليهما :
أحدهما : انه قد يتوهم اختصاص ذلك بالاحكام الكلية ، من جهة انه في الشبهات الموضوعية يكون الجعل معلوما فلا يجري استصحاب عدم الجعل.
ولكنه يندفع ، بأنه من جهة ان جعل الأحكام إنما يكون على نحو القضية الحقيقية ، فكل موضوع خارجي من أفراد الموضوع يكون مخصوصا بحكم خاص فعند الشك لا مانع من استصحاب عدم جعل الحكم لهذا الموضوع الشخصي ، إلا انه قد عرفت عدم ترتب ثمرة عليه فراجع.
ثانيهما : ان ما ذكرناه من عدم جريان الاستصحاب في الأحكام الشرعية إنما هو في الأحكام البعثية والزجرية.
واما الأحكام الترخيصية كالإباحة فلا مانع من جريان الاستصحاب فيها لعدم جريان استصحاب عدم الجعل فيها ، لأنها كانت مجعولة في صدر الإسلام ، اما بنحو العموم ، أو الخصوص ، تأسيساً ، أو إمضاءً.