إذا عرفت ما ذكرناه من الأمور فاعلم ، انه يقع البحث ، أولا : في انه هل يكون الاستصحاب حجة ويدل على ذلك دليل أم لا؟ وثانيا : في مقدار دلالة الدليل على فرض وجوده ، وفي ذيل ما استدل به لحجية الاستصحاب ، نتعرض لقاعدتي اليقين ، والمقتضي والمانع ، وكيف كان فقد استدل لحجية الاستصحاب بأدلة :
أدلة حجية الاستصحاب
الدليل الأول : استقرار بناء العقلاء من الإنسان ، بل ذوى الشعور من كافة أنواع الحيوان على العمل على طبق الحالة السابقة ، وحيث لم يردع عنه الشارع كان ماضيا.
وقد وقع الكلام في كل من الصغرى أي ثبوت بناء العقلاء ، والكبرى وهي إمضاء الشارع إياه ، فتنقيح القول بالبحث في مقامين.
اما المقام الأول : فقد أنكر المحقق الخراساني (١) ، ثبوته قال وفيه أولا منع استقرار بنائهم على ذلك تعبدا ، بل اما رجاءً واحتياطا ، أو اطمئنانا بالبقاء ، أو ظنا ولو نوعا انتهى.
وأورد عليه المحقق النائيني (٢) ، وحاصل ما أفاده انه لا ريب في استقرار سيرة
__________________
(١) كفاية الأصول ص ٣٨٧.
(٢) فوائد الأصول للنائيني ج ٤ ص ٣٣١ ـ ٣٣٢ / أجود التقريرات ج ٢ ص ٣٥٧ ، وفي الطبعة الجديدة ج ٤ ص ٢٩ ـ ٣٠.